في مثل هذا اليوم منذ ربع قرن بالتمام والكمال انتخبت
روسيا فلاديمير بوتين رئيسا للمرة الأولى.
وصل بوتين إلى هذا المنصب بسرعة وعلى نحو غير متوقع، بعد بضعة أشهر فقط من العمل في السياسة الكبرى. وكشفت
وكالة "تاس" في تقرير مفصل لها عن الظروف التي مكّنت بوتين من الحصول على دعم الروس.
تقول رئيسة اللجنة المركزية للانتخابات إيلا بامفيلوفا لوكالة "تاس": "كمنافس في الانتخابات، كان فلاديمير بوتين دقيقا للغاية، ومتحفظا وودوا إلى أبعد الحدود. لم يسمح لنفسه قط بالتصرف بوقاحة مع خصومه".
وأكدت أن بوتين "يحترم أولئك الذين يختلفون معه في وجهة النظر ويدافعون عنها بصراحة وصدق، بدلا من محاولة التكيّف معه أو الإطراء عليه أو الموافقة عليه باستمرار".
في البداية، تقدّم للترشح 33 مرشحا بوثائقهم للجنة المركزية للانتخابات عام 2000، ولكن بعد جمع التوقيعات، لم يتبق سوى 11 شخصا للتنافس على منصب الرئاسة في يوم الانتخابات الرئاسية، 26 آذار 2000.
إضافة إلى بوتين وبامفيلوفا، كان من بين المتنافسين زعماء الحزب الشيوعي غينادي زيوغانوف والحزب الديمقراطي الليبرالي فلاديمير جيرينوفسكي وحزب "يابلوكا" (التفاحة) غريغوري يافلينسكي، إضافة إلى حاكمي سامارا وكيميروفو قنسطنطين تيتوف وأمان تولييف، كما ضمت القائمة نفسها عمر غبرايلوف وأليكسي بودبيرزكين ويوري سكوراتوف وستانيسلاف غوفوروخين.
وبحلول ذلك الوقت، كان بوتين قد بدأ التحرك بالفعل منذ أن أصبح قائما بأعمال رئيس الجمهورية منذ 31 كانون الأول 1999، عقب خطاب بوريس يلتسين الشهير الذي قال فيه "أنا متعب وسأرحل". وكما يحدث في كثير من الأحيان، لم ينطق يلتسين بهذه العبارة حرفيا، لكن ذاكرة الشعب احتفظت بهذا التعبير البليغ تحديدا.
في بداية الحملة الانتخابية، كان بوتين هو المرشح رقم 1 وبحلول نهاية عام 1999، أصبحت احتمالات تفوقه على أقرب منافسيه من حيث التصنيف، زعيم الحزب الشيوعي الروسي غينادي زيوغانوف، أكثر من الضعف. علاوة على ذلك، تمكن رئيس الوزراء (الصفة
الرسمية لبوتين آنذاك) من تحقيق هذه النتيجة في أقل من 6 أشهر.
أصبحت فرص بوتين للرئاسة واضحة لأول مرة في آب 1999، وكان يلتسين نفسه هو الذي بدأ الحديث عن هذا الأمر عندما رشّحه رئيسا للحكومة. بحلول ذلك الوقت، كان بوتين قد شغل مناصب عليا في موسكو لعدة سنوات، وبدأ يكتسب شعبية واسعة بين الناس بعد صد هجوم المسلحين في داغستان.
وبحلول 31 كانون الأول من العام نفسه لم يعد هناك مجالا للشك: بوتين سيذهب إلى صناديق الاقتراع.
وبمجرد
توليه منصب الرئيس بالنيابة، اعتبارا من الساعة 24:00 يوم 31 كانون الأول 1999، عقد بوتين اجتماعا طارئا للحكومة في الساعات الأولى، ودعا مجلس الأمن، وأكد استمرارية مسار السياسة الخارجية، وخطط لاجتماع بشأن الشيشان، ومحادثة مع قادة الأحزاب السياسية في 2 كانون الثاني، وحصل على مباركة من البطريرك.
ووعد حينها في خطابه للأمة بمناسبة رأس السنة الميلادية: "أود أن ألفت الانتباه إلى أنه لم ولن يكون هناك فراغ في السلطة بالبلاد ولو لدقيقة واحدة".
وفي الساعة التاسعة من مساء 26 آذار كانت نسبة بوتين 45.06%، أي مبتعدة بنسبة 5% عن النصر النهائي، ويقول المحللون إن فرصة إجراء جولة ثانية "جدية للغاية". في الساعة 22:00 كانت النسبة 44.98% لصالح بوتين، 23:00 كانت النسبة 46.29%، ثم في 23:55 كانت النسبة 47.24%، وبحلول الساعة 01:00 أصبحت الفجوة حرجة بالنسبة للمنافسين وكانت نسبة الناخبين الذين صوتوا لبوتين 49.52، وفي الساعة 01:45 من صباح 27 آذار بتوقيت موسكو تخطى بوتين حاجز الخمسين بالمئة، وواصل
تعزيز تفوقه في ما بعد. وفي الساعة 02:49 تم فرز نصف الأصوات، وبات من الواضح أن بوتين سيفوز من الجولة الأولى في انتخابات الرئاسة الروسية لعام 2000.
كانت النتائج النهائية على النحو التالي: مع نسبة مشاركة بلغت 68.7% صوت 52.9% من الناخبين لصالح بوتين، وحصل غينادي زيوغانوف على المركز الثاني، وغريغوري يافلينسكي على المركز الثالث. (روسيا اليوم)