Advertisement

خاص

شغب الملاعب.. متى تنتهي "كرة الدم" بعد صافرة النهاية؟

إيناس القشاط - Inass El Kashat

|
Lebanon 24
20-05-2025 | 12:00
A-
A+
Doc-P-1363118-638833310452545178.jpeg
Doc-P-1363118-638833310452545178.jpeg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
رغم كل ما وصلت إليه الرياضة من تطوّر، ورغم وجود أنظمة مراقبة دقيقة وجيوش من رجال الأمن في الملاعب، لا تزال أعمال الشغب تطلّ برأسها بعد كل صافرة نهاية. عنفٌ جماعيٌ يتفجّر تحت راية "الانتماء"، واحتفالات تتحوّل إلى معارك مروّعة، وأرواح تُزهق باسم "التشجيع".
Advertisement

آخر فصول هذه الظاهرة جاءت من العاصمة الألمانية برلين، حيث احتشد الآلاف من مشجعي نادي "غالطة سراي التركي" للاحتفال بتتويج فريقهم بلقب الدوري التركي للمرّة الـ25 في تاريخه. لكن الاحتفالات تحوّلت إلى أعمال شغب خطيرة، بعدما ألقى المشجعون الحجارة والألعاب النارية والزجاجات على الشرطة، ما أسفر عن إصابة 33 عنصرًا من قوات الأمن، نقل اثنان منهم إلى المستشفى، فيما اعتُقل 34 شخصًا.

هذه الحادثة تعيد إلى الأذهان سلسلة من الكوارث التي ارتبطت بالملاعب حول العالم، وتطرح تساؤلًا قديمًا متجددًا: متى تنتهي كرة الدم؟

"مجزرة" بورسعيد.. دماء في المدرجات
من بين أكثر الحوادث مأسوية في تاريخ اللعبة الشعبية الأولى، تبرز "مجزرة" بورسعيد في مصر عام 2012. بعد مباراة جمعت المصري البورسعيدي والأهلي القاهري، اندلعت مواجهات دموية داخل الملعب وخارجه، قُتل فيها 74 مشجعًا، معظمهم من جماهير الأهلي، وأصيب المئات.
المجزرة لم تكن مجرد حادث عرضي، بل وصفت بأنها "مدبّرة"، وسط اتهامات بتواطؤ أمني وسوء تنظيم، مما جعلها واحدة من أسوأ الكوارث في تاريخ الكرة العالمية، وأدّت إلى تعليق النشاط الكروي في مصر لفترة طويلة.

شغب بلا حدود: من إندونيسيا إلى المغرب
ليست بورسعيد وحدها. ففي إندونيسيا عام 2022، وقعت واحدة من أسوأ الكوارث بعد تدافع جماهيري في استاد كانجوروهان عقب مباراة بالدوري المحلي، ما أودى بحياة 135 شخصًا، بينهم أطفال ونساء، بعدما استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع داخل المدرج، في مشهد "صادم" للعالم أجمع.

أما في المغرب، فتكررت المواجهات بين الجماهير ورجال الأمن في أكثر من مباراة، أبرزها أحداث الشغب بين جماهير الرجاء والجيش الملكي، ما أدى إلى إغلاق مدرجات وفرض عقوبات صارمة على الأندية.

لماذا لا ينتهي الشغب رغم "الحداثة"؟
رغم الكاميرات، والبصمة الإلكترونية، وقوانين العقوبات، إلا أن الشغب لا يزال حيًّا في "المستطيل الأخضر". فلماذا؟
أبرز الأسباب تعود للتعصب "الأعمى"، فكثير من المشجعين يخلطون بين الانتماء والعداء، وبين الحماسة والكراهية. ويأتي استغلال الملاعب سياسيًا أو اجتماعيًا من أسباب الشغب أيضًا في بعض البلدان، إذ تتحوّل روابط المشجعين إلى أذرع احتجاجية أو جماعات ضغط. بالإضافة إلى ضعف الردع، ففي كثير من الحالات، تكون العقوبات غير رادعة، أو لا تُطبّق بصرامة. وأخيرًا، الإعلام التحريضي، فخطاب رياضي متشنّج يزيد من الاحتقان الجماهيري بدل تهدئته.

تجارب ناجحة.. هل يمكن أن نتعلم؟
في ثمانينيات القرن الماضي، واجهت كرة القدم الإنكليزية تحدياً كبيراً تمثل في ظاهرة "الهوليغانز"، وهم جماعات من المشجعين المعروفين بسلوكهم العنيف والشغب المرتبط بالمباريات، سواء داخل الملاعب أو خارجها. وبلغت هذه الأزمة ذروتها في "كارثة هيلزبره" عام 1989، حين أدّى التدافع الجماهيري وسوء التنظيم الأمني خلال مباراة بين "ليفربول" و"نوتنغهام فورست" إلى مقتل 97 مشجعاً، لتُسجل كواحدة من أسوأ كوارث المستديرة في تاريخ "الفوتبول".

رداً على هذه المأساة، تبنّت السلطات في انكلترا تشريعات أمنية صارمة، منعت دخول مثيري الشغب إلى الملاعب، وفرضت رقابة إلكترونية مشددة، إلى جانب حملات توعية لرفع المسؤولية الجماهيرية. وأسهمت هذه الإجراءات في الحدّ بشكل كبير من العنف المرتبط بكرة القدم، لتصبح التجربة الإنكليزية نموذجاً يُحتذى في إدارة الجماهير.

كرة القدم يجب أن تُبكي من الفرح لا من الحداد
ما زالت الملاعب ساحات للتوتر بدل أن تكون ساحات للفرح. المطلوب ليس فقط تطبيق القوانين، بل إعادة تعريف ثقافة التشجيع. يجب أن نعلّم الأجيال أن كرة القدم لعبة، وليست حربًا. وأن الهزيمة لا تبرر التخريب، كما أن الفوز لا يمنح أحدًا ترخيصًا بالفوضى. فإلى متى سنبقى نحسب عدد المصابين والضحايا بعد كل مباراة؟
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

إيناس القشاط - Inass El Kashat