Advertisement

خاص

روسيا تنتظر صافرة السلام: هل تفتح كرة القدم "أبواب الغفران"؟

إيناس القشاط - Inass El Kashat

|
Lebanon 24
07-04-2025 | 12:30
A-
A+
Doc-P-1343875-638796192667122816.jpg
Doc-P-1343875-638796192667122816.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
في عالم يبدو فيه أن السياسة قد سيطرت على كل تفاصيل الحياة، بقيت الرياضة لوهلة، الأمل الأخير في جمع ما فرّقته الحروب، وخلق مساحة للتلاقي الإنساني بعيدًا عن البنادق والحدود. لكن حتى هذه المساحة، لم تكن بمنأى عن نيران الحرب الروسية الأوكرانية.
Advertisement
منذ شباط 2022، دخلت روسيا في عزلة رياضية غير مسبوقة، طالت كل المستويات، من الأندية المحلية إلى المنتخبات الوطنية، ومن كرة القدم إلى الأولمبياد. كان القرار سريعًا وصارمًا: فيفا ويويفا يعلّقان مشاركة روسيا في كل المسابقات الدولية، بينما أُلغيت استضافة مدينة سانت بطرسبرغ لنهائي دوري أبطال أوروبا، وكأن العالم أراد أن يقول: "الرياضة ليست بمنأى عن العقاب".
عزلة كروية بلا جمهور
تم إقصاء المنتخب الروسي من تصفيات كأس العالم 2022، رغم استعداده لمواجهة بولندا في الملحق الأوروبي. أندية مثل زينيت وسسكا موسكو، اعتادت المشاركة في دوري الأبطال والدوري الأوروبي، وجدت نفسها فجأة خارج الأضواء. توقفت موسيقى التشامبيونز ليغ في موسكو، وخلت الملاعب الروسية من التحدي القاري.
العقوبات لم تقتصر على منتخب الرجال فقط، بل شملت أيضًا منتخب السيدات، الذي حُرم من المشاركة في كأس أوروبا للسيدات 2022، وتم استبداله بالبرتغال. الأمر لم يتوقف عند كرة القدم، بل تعداها إلى تجميد مشاركة الرياضيين الروس في أغلب البطولات الدولية، بعضهم اضطر للمشاركة تحت رايات محايدة، وآخرون انسحبوا بصمت.
ووفق بيانات اللجنة الأولمبية الدولية، تم تجميد أو إنهاء التعاون مع روسيا في أكثر من 13 اتحادًا رياضيًا دوليًا. أما في كرة القدم تحديدًا، فقد تراجعت القيمة السوقية للدوري الروسي بنسبة 30% وفقًا لمنصة Transfermarkt، وتضررت سمعة اللعبة في البلاد بشكل واسع، بعدما بات اللاعبون الأجانب يغادرون الأندية الروسية واحدًا تلو الآخر.
أرقام تعكس حجم الخسائر
تراجع التصنيف العالمي لمنتخب روسيا إلى المركز 34 (تصنيف فيفا – نيسان 2025) رغم عدم مشاركته في مباريات رسمية منذ 2022. وأُلغيت أو نُقلت أكثر من 10 بطولات دولية كان من المفترض أن تُقام في روسيا، منها نهائي دوري الأبطال، وبعض فعاليات اليونيفرسياد، خلال عامي 2022 و2023. كما خسرت الأندية الروسية ما يُقدّر بـ40 مليون يورو من العوائد التجارية والتلفزيونية بسبب الإقصاء الأوروبي.

كرة القدم قد تفتح باب العودة
لكن، وسط هذا الظلام الرياضي، أطلّ ضوء خافت من بلغراد، حيث كان رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، السويسري جياني إنفانتينو، يتحدث إلى الجمعية العمومية للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، فقال: "مع استمرار محادثات السلام في أوكرانيا، آمل أن ننتقل قريبًا إلى المرحلة التالية ونعيد روسيا للمشهد الكروي، لأن هذا يعني حل كل المشكلات، وهذا ما يجب أن نشجعه وندعو له".
لم تكن كلماته مجرّد دبلوماسية رياضية، بل بدت أشبه بنداء إنساني، محاولًا استعادة جوهر الرياضة كجسر بين الشعوب، لا كضحية للحروب. واستحضر إنفانتينو قصة صربيا في يورو 1992، حين تم منع منتخبها من المشاركة بسبب السياسة، رغم امتلاكه أحد أقوى الأجيال الكروية حينها، وقال بنبرة حاسمة: "نحن لا نريد تكرار نفس الخطأ. كرة القدم يجب أن توحّد لا أن تفرّق".
تصريحات إنفانتينو جاءت في وقت يُتداول فيه أن الولايات المتحدة ودولًا أوروبية تحاول إعادة إطلاق مفاوضات سلام بين موسكو وكييف، وقد يشكّل أي اتفاق سياسي الأرضية لعودة روسيا إلى المشهد الكروي الدولي، وهو ما أكده أيضًا رئيس اليويفا، ألكسندر تشيفرين، حين قال: "بمجرد أن ينتهي النزاع، ستعود روسيا لعائلة كرة القدم. هذا موقف واضح".
وما بين تجميد المشاركة والبحث عن منفذ للعودة، تعيش الكرة الروسية مرحلة من "الانتظار القلق". الاتحاد الروسي بدأ يعيد ترتيب أوراقه الداخلية، وبعض المؤشرات توحي بأن العودة وإن حصلت، ستكون تدريجية ومشروطة، وقد تبدأ بمشاركة منتخبات الشباب أو الأندية في بطولات ودية وتدريجية تحت إشراف دولي.
لكن، لا يمكن الحديث عن عودة دون أن تُطوى صفحة الحرب، ولو جزئيًا. فالفيفا واليويفا رغم كل الضغوط، لا يمكن أن يتحركا ضد إرادة المجتمع الدولي، لا سيما بعد أن باتت العقوبات الرياضية جزءًا لا يتجزأ من أدوات الضغط السياسي والدبلوماسي.
كرة القدم... آخر صوت للسلام
قد تبدو كرة القدم مجرّد لعبة، لكن التاريخ أثبت مرارًا أنها أكثر من ذلك. هي لغة عالمية، وقوة ناعمة قادرة على جمع الخصوم، وبناء جسور حتى بين من فرقّتهم الدبابات. ربما لن تنهي كرة القدم الحروب، لكنها تملك القدرة على أن تكون أول من يرحب بالسلام.
وإذا عادت روسيا من بوابة اتفاق سياسي مع أوكرانيا، فسيكون من الطبيعي أن تعود أيضًا إلى المستطيل الأخضر. لكن الأهم من ذلك، أن تبقى كرة القدم دومًا، كما أرادها إنفانتينو، لعبة توحد ولا تفرّق.
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

إيناس القشاط - Inass El Kashat