تتّجه الأمور في
لبنان تدريجيًا نحو انتخابات نيابية يُراد منها أن تكون مفصلية، عنوانها الأبرز عزل
حزب الله سياسيًا ونيابيًا، وفق مسار يبدو مرسومًا بدقة على المستويين الداخلي والخارجي. فالانتخابات المقبلة، بحسب مصادر سياسية مطلعة، ستشهد سابقة من نوع خاص، إذ يُرجّح أن يخوض الحزب الاستحقاق النيابي بمفرده، من دون تحالفات تُذكر، حتى مع حلفائه التقليديين، بإستثناء حركة امل طبعا.
هذا التحوّل لا يأتي من فراغ، بل هو نتيجة ضغوط خارجية متصاعدة تطال جميع
القوى السياسية اللبنانية، تطالبها بالامتناع عن التحالف أو التماهي مع حزب الله. هذه الضغوط، التي تُمارَس بوسائل مباشرة وغير مباشرة، تشمل أيضًا
التيار الوطني الحر، الحليف المسيحي الأبرز للحزب منذ عام 2006. فالواضح أن
التيار بات يسعى جاهدًا إلى إعادة التموضع لكسب رضى
المجتمع الدولي والدول الكبرى، وخصوصًا
فرنسا والولايات المتحدة، ما يُبعده عن الحزب، وربما يدفعه إلى اشتباك سياسي كامل معه في المرحلة المقبلة.
ليس" التيار" وحده من يتجه للانفصال، فحتى الشخصيات السنية والمسيحية الحليفة تقليديًا للحزب، سواء ضمن كتل نيابية أو بشكل فردي، بدأت ترسم مسافات واضحة في الخطاب والمواقف، تمهيدًا لخوض الانتخابات من دون أي تنسيق أو
التزام سياسي معه. وهذا ما يعني أن الحزب سيكون مضطرًا للاعتماد على قوته الذاتية وشبكته التنظيمية في الدوائر التي يملك فيها حضورًا شعبيًا.
أمام هذا المشهد، يبدو أن حزب الله يُدرك حجم التحدي المقبل، لذلك يسعى إلى الحفاظ على كتلة نيابية وازنة تسمح له بالاستمرار لاعبًا أساسيًا في الساحة السياسية، ولو ضمن توازنات جديدة. لكن الواضح أن الانتخابات المقبلة لن تكون مجرد استحقاق اعتيادي، بل معركة محاصرة سياسية مفتوحة ضد الحزب، تُشارك فيها أطراف محلية بدفع دولي، هدفها إبعاده عن مواقع التأثير الأساسي داخل
البرلمان، وفرض وقائع سياسية جديدة عليه.
إذا استمرت هذه الدينامية، فسيكون لبنان أمام برلمان جديد، قد يُعيد رسم قواعد اللعبة بالكامل، تحت عنوان: لا شراكة مع حزب الله.