ذكرت صحيفة "The Spectator"
البريطانية أن "المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف تلقى أخيرًا ردًا من
حماس على اقتراحه الأخير لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة خلال عطلة نهاية الأسبوع. وجاء الرد على الشكل التالي: رفضٌ كاملٌ لا غير. ويؤكد هذا الرفض الواضح من جانب الحركة القضية الأساسية محل النزاع في الصراع. وتعتزم حركة حماس الإسلامية في غزة تأمين وضع يسمح بانسحاب القوات
الإسرائيلية من القطاع، ويسمح لها بالبدء في عملية تجديد وتنظيم قواتها وقدراتها. إن أي اتفاق يهدد بتقليص الأصول الرئيسية التي تمتلكها حماس لمنع
إسرائيل من تنفيذ هجوم كامل بهدف تدميرها، في حين يفشل في ضمان عدم حدوث مثل هذا الهجوم مرة اخرى، يجب رفضه تلقائيا".
وبحسب الصحيفة، "لم يُنشر سوى القليل من تفاصيل اقتراح ويتكوف، لكن بحسب المعلومات، فقد نصّ الاقتراح على إطلاق سراح عشرة من أصل عشرين رهينة إسرائيليين متبقين خلال وقف إطلاق نار مُقترح لمدة 60 يومًا. كما وسيتم إطلاق سراح عدد كبير من السجناء
الفلسطينيين مقابل الإفراج عن الإسرائيليين العشرة. لكن يبدو أن هذا الاتفاق لم يحمل الضمانات اللازمة للحركة، ولذلك تم رفضه. إن موقف حماس واضحٌ وفريدٌ من نوعه، وهي لا تجد أي مبرر لتخفيف مطالبها أو التنازل من أجل التوصل لاتفاق. ان حماس غير مبالية على الإطلاق بفقدان الأرواح بين سكان غزة، وبالتالي فإن معاناتهم لا تؤدي إلى أدنى تحول في موقفها. ويبدو أيضاً أن حماس تفضل الاستمرار في تقليص قواتها بدلاً من قبول نتيجة الحرب التي من شأنها أن تجبرها بحكم الأمر الواقع على قبول استمرار الوجود
الإسرائيلي في غزة، وبالتالي تجعل من المستحيل عليها إعادة تنظيم صفوفها".
وتابعت الصحيفة، "في المقابل، اضطرت إسرائيل منذ بداية الحرب إلى التوفيق بين هدفين متناقضين. فقد أعلنت
تل أبيب منذ البداية أن أهداف حربها تتمثل في تحرير جميع الرهائن الإسرائيليين، وتدمير قدرات حماس العسكرية في غزة. هذه الأهداف متناقضة، فإذا أعطت الأولوية للهدف الأول، فإن ذلك يُضعف حتمًا عزمها على السعي وراء الهدف الثاني. أما إذا أعطيت الأولوية لتدمير حماس، فهذا يُقلل من احتمالية استعادة الرهائن. في الواقع، كان هذا تحديدًا السبب الذي دفع حماس إلى التركيز على احتجاز الرهائن في المقام الأول. لقد كانت حماس تهدف، ولا تزال، إلى ضمان بقائها وإحباط أهداف إسرائيل من خلال استمرار احتجاز الأسرى الإسرائيليين. كما واعتبرت، ولا تزال، أنه بالنظر إلى طبيعة المجتمع الإسرائيلي، وفي ضوء أدائها السابق، يجب على
القدس في نهاية المطاف إعطاء الأولوية لقضية الرهائن. وتعتزم حماس ضمان بقائها باستغلال هذه الديناميكية بمهارة".
وأضافت الصحيفة، "لقد أعاق هذا التناقض جهودَ إسرائيل الحربية خلال معظم الأشهر التسعة عشر الماضية. ففي حين صورت إسرائيل حملتها على أنها محاولة لتدمير قدرات حماس، فإنها في واقع الأمر سعت إلى ممارسة الضغط العسكري على الحركة لتخفيف موقفها في مفاوضات الرهائن. ولأسباب بديهية، لم يُقرّ المتحدثون الإسرائيليون بهذا المنطق، إذ استمرّوا في التأكيد على عدم وجود تناقض بين أهداف حرب إسرائيل، وأنها تسعى إلى تحقيق كليهما. إلا أن الواقع كان أقوى. والآن، يشير قبول القدس لإطار عمل ويتكوف إلى أن اقتراح المبعوث الأميركي كان متوافقاً بوضوح مع هذين الهدفين".
وبحسب الصحيفة، "المشكلة بالنسبة لحماس هي أنه بعد أن نجحت الآن في التفاوض وإعادة غالبية الرهائن، فإنها معرضة لخطر الوقوع في موقف حيث لم تعد تملك الأصول التي تمكنها من صد إسرائيل، وهي لم تتوصل بعد إلى اتفاق لإنهاء الحرب. وتضمن مقترح ويتكوف بندًا يقضي ببدء مفاوضات لوقف إطلاق نار دائم خلال فترة التهدئة التي تستمر 60 يومًا، وفي حال التوصل إلى اتفاق، سيتم إطلاق سراح الرهائن المتبقين. ويوضح المقترح أنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق، يُمكن تمديد وقف إطلاق النار المؤقت بموافقة الطرفين. وهذا، بطبيعة الحال، يحمل معه احتمالاً غير مريح بالنسبة لحماس بأن إسرائيل قد تفضل عدم تمديد وقف إطلاق النار. وبدلاً من ذلك، في هذه المرحلة، قد تستأنف قوات
نتنياهو عمليتها "عربات جدعون"، التي تهدف كما هو معلن إلى الاستيلاء على
قطاع غزة بأكمله وتفكيك حماس وتدميرها في المنطقة. وهذا يعني هزيمة واضحة للحركة في الحرب، وهي النتيجة التي تخشاها حماس أكثر من غيرها".
وتابعت الصحيفة، "لهذه الأسباب وغيرها، لم يكن قرار حماس برفض المقترح مفاجئًا. تحاول الحركة كسب الوقت، ربما اعتقادًا منها أن الضغط الدولي والأميركي قد يُجبر إسرائيل في النهاية على التخلي عن مساعيها لتدميرها في غزة. هذا الاعتقاد ليس بلا أساس، وله سوابق. ففي عامي 1973 و2006، توقفت الحملات العسكرية الإسرائيلية فجأةً بسبب ضغوط دبلوماسية خارجية. وفي بيانٍ أصدرته يوم السبت، جددت حماس تأكيدها على هدفها المتمثل في "وقف إطلاق نار دائم" و"الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة". وبذلك، أكدت على النقطة الأساسية في الحرب، ورفضها التنازل عنها".
وختمت الصحيفة، "لا يبدو أن اقتراح ويتكوف سيحل ذه المشكلة في وقت قريب، وبالتالي يبدو أن حرب إسرائيل على غزة ستستمر".