ذكر موقع "سكاي نيوز"، أنّه في خطوة أثارت الجدل وأعادت رسم علامات الاستفهام حول توجهات
الإدارة الأميركية تجاه القضية الفلسطينية، أعلن
الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن "لا أحد سيُجبر على مغادرة غزة"، وهو ما يبدو متناقضا مع مواقفه السابقة التي ألمح
فيها إلى إمكانية تهجير سكان القطاع كجزء من تسوية سياسية.
هذا التراجع، إذا كان كذلك، يفتح الباب
أمام تساؤلات أساسية: هل هو تحول حقيقي في الموقف الأميركي، أم مجرد تكتيك سياسي يندرج ضمن مناورات ترامب المعتادة للحصول على تنازلات
أكبر من
الأطراف الفاعلة؟ وهل يتماشى هذا التوجه مع الرؤية الإسرائيلية والإقليمية أم أنه يعكس تباينات بين الحلفاء؟
ويرى المستشار
السابق في وزارة الدفاع الإسرائيلية ألون أفيتار، أن السياسة الأميركية تحت إدارة ترامب تهدف إلى
زيادة الضغوط على حماس وقطاع غزة، لكنه يشير أيضا إلى وجود تحول ملحوظ في الموقف
العربي تجاه الحركة.
ويقول: "هناك توجه متزايد في
الدول العربية لدعم فكرة نزع سلاح حماس، وهو ما يتماشى مع الاستراتيجية الإسرائيلية
طويلة المدى"، مضيفا أن "القمة
العربية الأخيرة في القاهرة أبرزت تراجعا في الدعم
العربي لحماس، ما يعكس تغيرا جوهريا في رؤية بعض
الدول تجاه الملف الفلسطيني".
ويضيف أفيتار أن المفاوضات الجارية بين حماس وإسرائيل تشمل التمديد للمرحلة الأولى من وقف إطلاق النار والإفراج عن مختطفين إسرائيليين، لكنه يؤكد أن تصريحات ترامب الأخيرة قد تؤثر على مسار هذه المحادثات، إذ قد تدفع
إسرائيل إلى إعادة تقييم استراتيجيتها تجاه غزة.
أما عن العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، فيرى أفيتار أنها رغم التنسيق الاستراتيجي العميق، لا تخلو من التباينات التكتيكية. ويقول: "هناك خلافات في وجهات النظر بين الأميركيين والإسرائيليين حول شرعية المفاوضات مع حماس، كما أن المحادثات بين الولايات المتحدة وحماس لم تحقق نجاحًا يذكر حتى الآن".
من ناحيته، يرى
رئيس تحرير صحيفة الشروق عماد الدين حسين، أن تصريحات ترامب الأخيرة ليست سوى حلقة جديدة في سلسلة مواقفه المتناقضة.
ويقول: "منذ وصوله إلى البيت الأبيض، لا أحد يستطيع التنبؤ بما سيقوله ترامب. ففي كانون الثاني الماضي، تحدث عن شراء أو الاستيلاء على غزة، والآن يقول إنه لن يُجبر أحد على مغادرة القطاع. هذا التناقض يعكس أسلوبه في التفاوض، حيث يرفع السقف إلى أقصى حد قبل أن يتراجع لإعطاء انطباع بأنه يقدم تنازلات".
ويضيف حسين أن
الدول العربية، وعلى رأسها مصر، رحبت بتصريحات ترامب الجديدة لأنها قد تمنع تفاقم الأزمة في المنطقة، لكنها في الوقت نفسه تدرك أن ترامب قد يتراجع عن موقفه في أي لحظة.
ويتابع: "ترامب أعرب عن ثقته في تصريحاته بنسبة 98%، لكنه ترك مساحة 2% للتراجع. هذه طريقته في إدارة الملفات الكبرى، كما فعل مع كندا في مفاوضات التجارة، ومع أوروبا في قضايا أخرى. إنه لا يؤمن بالاتفاقيات التقليدية، بل يتعامل مع السياسة كصفقة تجارية بحتة"، يقول حسين.
وفي ما يتعلق بالموقف
الإسرائيلي، يشير حسين إلى أن الضغط على حماس ليس بالأمر الجديد، بل يمتد لعقود
طويلة، لكنه يعتقد أن
إسرائيل لا تزال تمضي قدمًا في خطتها لتهجير الفلسطينيين بشكل غير مباشر.
ويوضح أنّ "إسرائيل لا تزال تخطط لإنشاء ميناء ومطار يخدمان أهدافها في غزة، وهي تسعى إلى إعادة هيكلة الواقع الديموغرافي في القطاع بما يخدم مصالحها الاستراتيجية"، مشيرًا إلى أن التصريحات الأميركية لن تغير كثيرا من الحقائق على الأرض ما لم تُترجم إلى خطوات ملموسة. (سكاي نيوز)