انتهت يوم السبت سابع عملية تسليم للرهائن الإسرائيليين، والستة المشمولين، كانوا آخر المحتجزين المقرر تسليمهم لإسرائيل بحلول الأول من مارس بنهاية المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني، بعد 15 شهرا من الحرب المدمرة في قطاع غزة.
وتعتبر المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار حاسمة، نظرا للتحديات التي قد تعوق تنفيذها، ففي الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة والدول العربية لتحقيق تقدم في هذه المرحلة، فإنها تظل محكومة بالتوازنات السياسية والمعوقات الميدانية التي قد تؤثر على فرص التوصل إلى حل دائم.
هنري إنشر، نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق، اعتبر في حديث "للحرة" أن هناك "تضاربا واضحا بين مصالح الولايات المتحدة الأميركية ومصالح إسرائيل".
ورأى إنشر أن واشنطن تسعى جاهدة لإنهاء النزاع القائم، وذلك في إطار تبنيها سياسة تسعى لتحقيق الاستقرار، سيما أن هذه الحرب لم تعد نقطة شائكة على المستوى الدولي كما كانت في السابق.
كما يعرب عن اعتقاده بأن الولايات المتحدة "لا تمارس ضغوطًا كبيرة على إسرائيل لإتمام المرحلة الثانية من الاتفاقية، بسبب موقف إسرائيل الذي يرفض انسحابها الكامل من قطاع غزة".
هذا الموقف يعني أن السبيل الوحيد للانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاقية، يتطلب أن توافق حركة حماس على السماح بوجود إسرائيلي "محدود" في غزة.
وتحدث إنشر عن المقترحات والمبادرات التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في هذا السياق، والتي تهدف إلى إنهاء الحرب وإعادة إعمار غزة، مشيرًا إلى أن هذه المبادرات قوبلت برفض من بعض الأطراف.
وفي المقابل، أكد نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق، أن ترامب "على استعداد للنظر في البدائل الأخرى إذا كانت منطقية، وتمثل خطوة ملموسة نحو تحقيق السلام في المنطقة".
من جانبه، قال الدكتور سعيد الزغبي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، إن تأخير إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين يعد بمثابة "مناورة سياسية إسرائيلية تهدف إلى تأجيل تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاقية".
وأضاف الزغبي أن المرحلة الأولى من الاتفاقية، "تمت بسلاسة بين الطرفين، دون وجود عقبات تذكر".
إلا أن عائلات الرهائن تطالب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو بالضغط على حركة حماس لاستكمال المرحلة الثانية، والتي تشمل إطلاق سراح باقي الرهائن الإسرائيليين الذين يبلغ عددهم 58، من بينهم 25 فقط ما زالوا على قيد الحياة.
وأوضح الزغبي أن هناك "رغبة قوية من جانب الولايات المتحدة لتنفيذ المرحلة الثانية من الهدنة، خاصة أن ترامب يسعى إلى الوفاء بوعده الانتخابي بإيجاد حل سريع لهذه الحرب".
وأشار كذلك إلى أن هناك "إرادة عربية ودولية لدفع عجلة تنفيذ هذه المرحلة من الاتفاق".
لكن الزغبي شدد على أن نجاح المرحلة الثانية "مرهون بموافقة حركة حماس على الشروط الإسرائيلية، ومن أبرزها نزع السلاح بالكامل من غزة".
وأوضح أن هناك "مؤشرات على تنفيذ هذا الشرط، بعد موافقة حماس على عدم المشاركة في إدارة قطاع غزة خلال المرحلة المقبلة".
لكنه اعتبر في الوقت نفسه، أن هناك "شروطًا أخرى من الجانب الإسرائيلي قد تعرقل تنفيذ المرحلة الثانية، مثل المطالبة بخروج جميع قادة حماس من قطاع غزة، وهو أمر قد يكون بمثابة عقبة أمام أي تقدم ملموس في هذه العملية".
وانتهت، السبت، سابع عملية تسليم من الرهائن الإسرائيليين، بعد أن أعلنت منظمة الصليب الأحمر استلام الرهينة السادسة، وهو هشام السيد، الذي كان قد قضى نحو 10 أعوام في معتقلات وأماكن احتجاز تابعة لحركة حماس في قطاع غزة.
وأخرت إسرائيل الإفراج عن مئات المعتقلين الفلسطينيين إثر إطلاق سراح الرهائن الستة، فيما تعهد نتانياهو بالتحرك "بحزم" لإعادة بقية الرهائن.
وفي وقت مبكر الأحد، أعلن نتانياهو أن إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين سيتأجل، حتى "تنهي حماس المراسم المهينة" التي تقيمها أثناء تسليم الرهائن الإسرائيليين.
وقال مكتب رئيس الوزراء في بيان، إنه "تقرر تأجيل إطلاق سراح الإرهابيين الذي كان مخططا له أمس (السبت) حتى يتم ضمان إطلاق سراح الرهائن التالين، دون مراسم مهينة"، و"لحين تسليم الدفعة التالية من الرهائن الإسرائيليين في قطاع غزة".
واعتبرت حركة حماس أن تأخير إسرائيل الإفراج عن مئات المعتقلين الفلسطينيين هو "خرق فاضح" لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
وقال نتانياهو: "حتى الآن، قمنا بإرجاع 192 مختطفاً إلى إسرائيل. ومن بين هؤلاء، 147 على قيد الحياة و45 أموات. ولا تزال حماس تحتجز 63 رهينة".
ومنذ بدء الهدنة، تسلمت إسرائيل 29 رهينة بينهم 4 قتلوا، مقابل إطلاق سراح أكثر من 1100 معتقل فلسطيني.
وينصّ اتفاق التهدئة في مرحلته الأولى التي تنتهي في الأول من مارس، على أن تطلق حماس سراح 33 رهينة، بينهم 8 قتلى، مقابل إطلاق إسرائيل سراح 1900 معتقل فلسطيني محتجزين في سجونها.
وقالت حماس، الأربعاء، إنها مستعدة للإفراج "دفعة واحدة" عن كل الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة خلال المرحلة الثانية من الاتفاق والتي كان مقررا أن تبدأ في الثاني من مارس.
أما المرحلة الثالثة والأخيرة فتتعلق بإعادة إعمار غزة.
وأسفر هجوم 7 تشرين الاول 2023 عن مقتل 1214 شخصا على الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، وفق تعداد لفرانس برس يستند إلى بيانات رسمية، بما في ذلك الرهائن الذين لقوا حتفهم أو قتلوا في الأسر.
وأدت الهجمات الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 48 ألف شخص في غزة، غالبيتهم مدنيون، وفقا لبيانات وزارة الصحة التابعة لحماس، وتسببت الحرب بكارثة إنسانية في القطاع. (الحرة)