ذكرت صحيفة "The Washington Post" الأميركية أنه "في ظل مواجهة الولايات المتحدة لتهديدات متزايدة في كل أنحاء العالم، فإن خيارات السياسة الخارجية التي يتخذها الرئيس المقبل ستكون الأكثر أهمية منذ أحداث الحادي عشر من أيلول، وخاصة في ما يتعلق بالجمهورية الإسلامية الإيرانية. فهل ستستمر الولايات المتحدة في اتباع نهج ضعيف وغير حاسم تجاه النظام الإيراني أم ستعيد فرض سياسة قوية أظهرت نجاحًا واضحًا في الماضي؟ على الرغم من اعتراف نائبة الرئيس كامالا هاريس مؤخرًا بأن إيران "قوة مزعزعة للاستقرار وخطيرة في الشرق الأوسط"، إلا أن تعاملات إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مع النظام في طهران اتسمت بالعمل العسكري غير الكافي والديبلوماسية غير الفعالة وإنفاذ العقوبات غير المتسق، مما مكّن إيران من مواصلة مهاجمة المصالح الأميركية وتهديد بقاء إسرائيل".
وبحسب الصحيفة، "على النقيض من ذلك، أظهرت سياسة "الضغط الأقصى" التي تنتهجها إدارة دونالد ترامب السابقة أن العقوبات المطبقة بشكل جيد من الممكن أن تشل اقتصاد إيران وتضعف أنشطتها الخبيثة بشكل كبير، دون الإضرار بالمستهلكين الأميركيين أو التسبب في ارتفاع حاد في أسعار النفط العالمية. وفي الواقع، ينبغي للرئيس القادم أن يستعيد هذه السياسة. لقد بدأت الضغوط القصوى بانسحاب الولايات المتحدة في عام 2018 من خطة العمل الشاملة المشتركة. وقد أعقب هذه الخطوة فرض عقوبات شديدة، بما في ذلك تقييد صادرات النفط الإيراني بفرض عقوبات على البلدان والشركات التي استمرت في شرائه، فضلاً عن التدابير ضد البنوك الإيرانية. وانتهت الإعفاءات النفطية التي سمحت في البداية لبعض البلدان بمواصلة شراء النفط الإيراني في منتصف عام 2019، مما أدى إلى خفض صادرات طهران النفطية وقطع مصدر إيراداتها الأساسي".
وتابعت الصحيفة: "لقد تتبعت منظمة UANI (متحدون ضد إيران النووية)، تأثير العقوبات، وخاصة في فضح عمليات نقل النفط غير القانونية من سفينة إلى السفينة التي تقوم بها إيران للتهرب من التنفيذ. ووفقًا لبيانات التتبع، بين أيار 2019 وكانون الثاني 2021، بلغ متوسط صادرات النفط الإيرانية 710447 برميلًا يوميًا. وعلى مدى الأشهر العشرين التالية، من كانون الثاني 2021 إلى آب 2022، ارتفع المتوسط إلى 1182114 برميلًا يوميًا. وبحلول آذار 2024، بلغت صادرات النفط الإيرانية أعلى مستوى لها في خمس سنوات عند 1942668 برميلًا يوميًا. وينبع هذا التعافي الأخير إلى حد كبير من فشل إدارة بايدن في فرض العقوبات بصرامة وإطلاقها للأموال لإيران، بما في ذلك من خلال صفقة الرهائن وإلغاء تجميد الأصول، والتي تصل إلى مليارات الدولارات".
وأضافت الصحيفة، "يبدو أن المخاوف بشأن ارتفاع أسعار النفط وتقلبات السوق هي التي تدفع هذه الإدارة إلى التردد في فرض القانون. لكن هذه المخاوف مبالغ فيها. خلال انتخابات عام 2020 وما بعدها، لم ترتفع أسعار الغاز بشكل كبير. في الواقع، في تشرين الأول 2020، بقيت أسعار الغاز مستقرة، مما خفف المخاوف بشأن التقلبات المرتبطة بالانتخابات. وضمنت الشراكات الاستراتيجية مع منتجي الطاقة الرئيسيين مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بقاء أسواق النفط العالمية مستقرة، ويمكن أن تفعل ذلك مرة أخرى في عهد الرئيس القادم. علاوة على ذلك، ساهمت مرونة إنتاج النفط المحلي في الولايات المتحدة بمنع ارتفاع الأسعار في الولايات المتحدة. واليوم، بسبب الإنتاج المحلي المرتفع بشكل قياسي وسوق الطاقة العالمية الأكثر تنوعًا، أصبحنا أقل عرضة لصدمات النفط".
العقوبات والنتائج
وبحسب الصحيفة، "الخلاصة هي أن العقوبات المفروضة بصرامة تحقق نتائج. وتُظهِر أبحاث منظمة متحدون ضد إيران النووية أنه على الرغم من أن النفط الإيراني لا يزال يصل إلى الأسواق سراً، فإن العقوبات من الممكن أن تعطل هذه العمليات بشكل كبير دون التأثير على الأسواق العالمية. وكثيراً ما يكون نفوذ إيران على هذه الأسواق مبالغاً فيه، فحصتها في السوق البالغة 4% أصغر مما يُفترض غالباً. ومع تنوع إمدادات الطاقة العالمية والتحالفات القوية، تستطيع واشنطن فرض العقوبات دون تعريض أمن الطاقة أو الاستقرار الاقتصادي للخطر. ورغم اعتراف هاريس بالتهديد الإيراني، فإن إحجامها عن دعم موقف أقوى أمر محير. فإذا كانت إيران هي حقا العدو الأعظم للولايات المتحدة، فإن تجنب استراتيجية شاملة قادرة على تحييد التهديد أمر غير منطقي".
ورأت الصحيفة أن "العودة إلى سياسة "الضغوط القصوى" التي تقودها العقوبات الصارمة من شأنها أن تؤكد التزام الولايات المتحدة بمكافحة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار. ومن خلال فرض العقوبات بصرامة عبر قطاعات متعددة، أدت هذه السياسة إلى خفض صادرات النفط الإيرانية بشكل كبير. في المقابل، أعطت إدارة بايدن الأولوية في البداية للدبلوماسية، مما أدى إلى تطبيق العقوبات بشكل متساهل، مما سمح لإيران باستعادة عائدات كبيرة من صادرات النفط، وخاصة من خلال المبيعات إلى الصين. وفي بعض الأحيان، تصرف بايدن بحزم، كما في رده على الهجمات الصاروخية الإيرانية على إسرائيل هذا العام.".
وختمت الصحيفة: "الآن هو الوقت المناسب لتذكير إيران بأن الولايات المتحدة لا تخضع للتهديدات. وبفضل القيادة القوية، يمكننا إعادة إشعال أقصى قدر من الضغوط وحماية مصالحنا الوطنية من دون التضحية بالرخاء الاقتصادي".