Advertisement

عربي-دولي

"انقلاب ماكرون".. ما هي قصة الأزمة السياسية الأخطر في فرنسا؟

Lebanon 24
09-09-2024 | 09:57
A-
A+
Doc-P-1244645-638614945011618365.png
Doc-P-1244645-638614945011618365.png photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
كتب موقع عربي بوست:
 
تشهد فرنسا أزمة سياسية غير مسبوقة، مع تزايد الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت منذ يوم السبت 7 أيلول 2024، تنديدًا بقرار الرئيس إيمانويل ماكرون تعيين ميشيل بارنييه، المنتمي إلى تيار اليمين، رئيسًا للوزراء. وتأتي تلك الاحتجاجات في ظل اتهامات حادة من أحزاب اليسار لماكرون بـ"سرقة" نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، حيث حقق تحالف اليسار أكبر عدد من الأصوات، رغم عدم حصوله على أغلبية مطلقة. ويعكس الغضب الشعبي المتزايد تصاعد التوترات بين الحكومة والمعارضة، ما ينذر بتفاقم الاضطرابات السياسية التي تشهدها البلاد.
Advertisement

وجاءت المظاهرات استجابة لدعوة أطلقتها الجبهة الشعبية الجديدة والاتحادات الطلابية إلى تعبئة واسعة النطاق يوم السبت الماضي، ضد ما سموه "انقلاب إيمانويل ماكرون" و"إنكار الديمقراطية" بعد رفض الرئيس الفرنسي الاعتراف واحترام نتائج تصويت الشعب خلال الانتخابات التشريعية التي منحت ائتلاف اليسار المركز الأول.

ووفقا لبيانات وزارة الداخلية الفرنسية، تظاهر ضد قرار ماكرون، أكثر من 26 ألف شخص في باريس، بينما تجاوز العدد الإجمالي في أنحاء البلاد 110 آلاف متظاهر. بينما قالت رئيسة الكتلة النيابية لحزب "فرنسا الأبيّة" (أقصى اليسار) ماتيلد بانو، عبر منصة إكس، إن عدد المتظاهرين في باريس بلغ 160 ألفا وفي البلاد 300 ألفا.

جاء إعلان ميشيل بارنييه رئيساً للوزراء، بعد دورة غير مسبوقة من المشاورات أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع القوى السياسية الرئيسية، استمرت نحو شهرين بعد الانتخابات التشريعية المبكرة، التي فازت فيها الجبهة الشعبية الجديدة (تحالف أحزاب اليسار) من دون تحقيق الغالبية في البرلمان.

ليصبح بارنييه بذلك أكبر من تولى هذا المنصب في الجمهورية الخامسة التي تأسست عام 1958. ويأتي هذا التعيين بعد انتهاء ولاية رئيس الوزراء السابق غابرييل أتال، الذي كان يبلغ من العمر 35 عامًا، بفارق يقارب ال40 عامًا بين الرجلين، حيث استمرت ولاية أتال لمدة 8 أشهر فقط.

بارنييه، الذي يُعرف في الأوساط الفرنسية باسم "السيد بريكست"، نسبةً لدوره البارز كمفاوض رئيسي للاتحاد الأوروبي في ملف خروج بريطانيا من الاتحاد (بريكست)، يحمل خبرة سياسية تمتد لأكثر من أربعة عقود. فخلال مسيرته، تولى العديد من المناصب البارزة سواء على المستوى المحلي في فرنسا أو داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي، ومن بين تلك المناصب: وزير الخارجية، وزير الزراعة، ووزير البيئة في الحكومة الفرنسية. كما شغل مرتين منصب مفوض أوروبي وكان مستشارًا مقربًا لرئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين.

وفي عام 2021، أعلن بارنييه عن ترشحه للانتخابات الرئاسية في فرنسا، إلا أنه لم يتمكن من حشد الدعم الكافي داخل حزبه اليميني "الجمهوريين" لمواجهة ماكرون في الانتخابات الرئاسية عام 2022، في حملة اتجه فيها أكثر نحو اليمين واقترح وقف الهجرة. من بعده ابتعد بارنييه لفترة عن المشهد السياسي الفرنسي .

ورغم إخفاقاته السابقة، يعود بارنييه اليوم إلى الساحة السياسية من الباب الواسع بعد تعيينه رئيساً للوزراء، لكنه أمام مهمة شديدة الصعوبة إذ سيتعين عليه تشكيل حكومة قادرة على الإفلات من مذكرات حجب الثقة في البرلمان وإنهاء أخطر أزمة سياسية في تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة، في ظل جمعية وطنية منقسمة إلى ثلاث كتل سياسية كبيرة، حيث لا يستطيع أي منها تشكيل أغلبية واضحة.

لكن بارنييه أعرب في أول مقابلة تلفزيونية له بعد تعيينه عن عزمه فتح أبواب حكومته أمام الأطياف السياسية كافة، بما في ذلك اليسار. وقال بارنييه: "نحتاج إلى أن نفتح الباب… أمام كل من يريدون المشاركة"، في إشارة إلى توجهه نحو توسيع قاعدة المشاركة السياسية في حكومته.

رغم ذلك، منذ تعيينه، اندلعت موجة من الاحتجاجات الحاشدة التي اجتاحت شوارع فرنسا منذ يوم السبت الماضي. انطلقت أكثر من 150 مسيرة في جميع أنحاء البلاد تنديدًا بتعيينه. و وفقًا للمنظمين، تجمع حوالي 160 ألف شخص في باريس وحدها، فيما وصل العدد الإجمالي للمتظاهرين في جميع أنحاء البلاد إلى 300 ألف شخص. 

وتشهد البلاد استنفارا أمنيا كبيرا خوفا من تطور الأوضاع وخروجها عن السيطرة أو وقوع اشتباكات مع عناصر الشرطة. هذه الاحتجاجات هي رد فعل على قرار الرئيس إيمانويل ماكرون بتعيين بارنييه أحد قدامى اليمين الفرنسي لمنصب رئيس الوزراء، وهو ما اعتبره معارضوه انتهاكًا للتقاليد السياسية والديمقراطية الفرنسية.

فوفقًا للدستور الفرنسي، يملك الرئيس صلاحية تعيين رئيس وزراء يختاره بنفسه، ولكن وفقًا للتقاليد السياسية المتبعة، يتم اختيار رئيس الوزراء من الحزب أو التحالف الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات.

لذلك، انتقد زعيم حزب "فرنسا الأبية" اليساري، جان لوك ميلانشون، بشدة تعيين الرئيس إيمانويل ماكرون لميشال بارنييه رئيسًا للوزراء. وخلال مقطع فيديو نُشر على منصات التواصل الاجتماعي، وصف ميلانشون هذا القرار بأنه "انقلاب القوة"، ودعا إلى "أقوى تعبئة ممكنة" للاحتجاج ضده. وأشار إلى أن تعيين بارنييه هو تجاهل واضح لإرادة الناخبين الفرنسيين، بعد رفض ماكرون اختيار مرشحة ائتلاف اليسار، لوسي كاستيتس، الخبيرة الاقتصادية البالغة 37 عاماً، التي حصلت على دعم أكبر عدد من الناخبين في الانتخابات التشريعية الأخيرة.

بينما جاء رد الحزب الاشتراكي سريعًا، حيث أصدر بيانًا صحفيًا يتهم فيه ماكرون بـأنه " يدوس على أصوات الشعب الفرنسي".

ودعت زعيمة أقصى اليمين الفرنسي مارين لوبان، اليوم الأحد، الرئيس إيمانويل ماكرون إلى إجراء استفتاء بهدف وضع حد للأزمة السياسية في فرنسا.

وقد حثّت زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي، مارين لوبان، اليوم الأحد، الرئيس إيمانويل ماكرون على إجراء استفتاء على قضايا رئيسية؛ مثل الهجرة والأمن، مشيرة إلى أن سماع رأي الفرنسيين بشأن هذه المسائل قد يساعد في الخروج من المأزق السياسي.

في المقابل أشارت لوبان إلى أنها ستراقب من كثب، وحذّرت من أنه "إذا تم نسيان الفرنسيين أو إساءة معاملتهم مجدداً خلال الأسابيع المقبلة، فلن نتردد في حجب الثقة عن الحكومة". 

وخلال حديثها للصحفيين، قالت لوبان إنها تتوقع أن تجري فرنسا انتخابات تشريعية جديدة "خلال عام"، معتبرة أن "ذلك أمر جيد لأنني أعتقد أن فرنسا بحاجة إلى أغلبية واضحة".

في هذا السياق، يرى محللون أن فرنسا ستواجه فترة من عدم الاستقرار السياسي، إذ يرون أن بارنييه، المنتمي إلى يمين الوسط، ضعيفًا سياسيًا، خاصة في ظل اعتماده على دعم حزب "التجمع الوطني" بزعامة مارين لوبان، المعروف بمواقفه المناهضة للاتحاد الأوروبي والهجرة. ويعتبر هذا الدعم غير المستقر و قد يضعف موقف بارنييه في مواجهة المعارضة الواسعة، ويزيد من احتمالات حدوث تصدعات داخل الحكومة.

ورغم أن استطلاع الرأي، الذي أجراه معهد إيفوب لصالح صحيفة "جورنال دو ديمانش"، أن يرى أغلبية المشاركين فيه أن بارنييه، كفء (62%)، ومنفتح على الحوار (61%)، ومحبوب (60%). إلا أن 74% من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون أنه لن يستمر طويلاً في منصبه. ومع تصاعد التوترات بين الحكومة والمعارضة، وتهديدات بحجب الثقة، تبدو فرنسا مقبلة على أزمة سياسية خطيرة قد تتفاقم في الأسابيع القادمة.

تأتي هذه الاضطرابات نتيجة خطوة جريئة اتخذها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل حوالي شهرين بحل الجمعية الوطنية والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة، في محاولة لتعزيز نفوذ فرنسا داخل الاتحاد الأوروبي والقضاء على التطرف السياسي في الداخل، وفقاً لفرانس برس.  (عربي بوست)
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك