في قلب كسروان وعلى المنحدرات الغربية لسلسلة
جبل لبنان تقع محمية جبل موسى التي تحتوي على مناظر طبيعية خلابة تجذب ليس فقط اللبنانيين بل الزوار والسيّاح من مختلف أنحاء العالم.
هذه المحمية باتت مقصدا لكل من يريد الاستمتاع بالطبيعة حيث يمكنه ان يسبح في بحيرة
شوان وان يُمارس رياضة الهايكينغ في محميتها أو تجربة التخييم، علما انه يُمكنكم دخولها بـ 500 ألف ليرة فقط.
تراث طبيعي وثقافي
تغطي محمية جبل موسى مساحة 6500 هكتار على ارتفاع يتراوح بين 350 مترا في
الشمال الغربي و 1700 متر في الجنوب الشرقي. في عام 2009 تحديدا أصبح جبل موسى والقرى المحيطة به جزءًا من شبكة اليونسكو لمحميات المحيط الحيوي في إطار برنامج الإنسان والمحيط الحيوي MAB .
تُقدم محمية جبل موسى تراثًا ثقافيًا وطبيعيًا غنيًا، فهي موطن لما لا يقل عن 727 نوعًا من النباتات، 26 منها مستوطنة في
لبنان
و 6 في جبل موسى، وهي أيضًا منطقة عالمية مهمة للطيور IBA، وقد تم تسجيل أكثر من 137 نوعًا من الطيور المهاجرة حتى الآن. وقد وجدت الثدييات النادرة والمهددة ملاذًا لها في الجبال الوعرة، بدءًا من الخفافيش إلى الذئاب والضباع، لتُضاف إلى أكثر من 20 نوعًا .
تتميز المحمية بتنوعها البيولوجي الذي يلحظه زائرها عن قرب في نباتاتها وزهورها. وهي تتألف من 15 مساراً يجذب هواة رياضة الـ"هايكنغ" التسلق والمشي. وتتوزع هذه المسارات بين السهل والمتوسط والصعب، بحيث يستطيع الشخص اختيار ما يناسبه منها. والنزهات في هذه المسارات قد تستغرق ساعة أو 8 ساعات وأكثر بحسب رغبة زائرها.
يُقال إن المحمية عُرفت بهذا الاسم نسبة لعائلة لبنانية كانت تملك أراضيها. في حين يتردد أن أحد الرهبان ويُدعى موسى سكن فيها وتنسك بين أحضانها لذا صارت تعرف باسمه "جبل موسى".
علما ان جبل موسى ينضم إلى موقعين آخرين في لبنان على لائحة اليونيسكو، وهما أرز
الشوف وجبل
الريحان في منطقة
الليطاني.
تفي بمعايير عالمية
مؤخرا أعلنت منظمة اليونسكو عن نتائج التقييم الدوري لمحمية جبل موسى للمحيط الحيوي، مؤكدةً أن المحمية لا تزال تفي بمعايير الشبكة العالمية لمحميات المحيط الحيوي.
ووصف التقييم الذي أجرته اللجنة الاستشارية الدولية لمحميات المحيط الحيوي خلال اجتماعها في
باريس في شباط الماضي تقرير جبل موسى بأنه "عالي الجودة وملهم"، وأكد أن المحمية تستوفي
المعايير الدولية المعتمدة ضمن برنامج "الإنسان والمحيط الحيوي" (MAB).
ويأتي هذا التقييم الإيجابي في إطار المراجعة الدورية التي تُجرى كل 10 سنوات، والتي تهدف إلى التأكد من
التزام المحميات بتطبيق مبادئ التنمية المستدامة، وحماية التنوع البيولوجي، وتعزيز المعرفة والبحث العلمي.
كما أشادت اللجنة الاستشارية الدولية لمحميات المحيط الحيوي بجهود حمايتها بما في ذلك توقيع عقود إيجار لحماية مناطق حساسة، ووقف المقالع غير القانونية، وإنشاء فواصل للحد من خطر الحرائق، مؤكدة على المكانة الدولية للمحمية، المصنفة كمنطقة أساسية للتنوع البيولوجي، ومنطقة مهمة للطيور والنباتات.
وتلعب المحمية أيضا دورا في التوعية البيئية، ودمج المعرفة التقليدية، والمشاركة في مشاريع إقليمية مثل RES-MAB وEduBioMed، مما يعزّز دورها كمختبر حيّ للتجربة والتعلّم.
علما ان أعداد الزوار للمحمية ارتفع من 300 زائر في عام 2009 إلى أكثر من 40,000 في عام 2023، بفضل تطوير البنية التحتية للسياحة البيئية، وتقديم تجارب ثقافية، ودعم المنتجات المحلية تحت علامة "جبل موسى"، ومن المتوقع ان تزداد الأعداد هذا العام مع عودة الاستقرار الأمني والعودة المُرتقبة للسيّاح العرب إلى لبنان.
رحلات سياحية
تنظم رحلات خاصة للسياح والمقيمين كي يتعرفوا على خصائص طبيعة المحمية، ويرافق هذه الرحلات مرشدون سياحيون كي يشرحوا للزوار خصائص كل مسار وميزاته.
ومن يرغب في الإقامة ليوم أو أكثر في منطقة المحمية وبين قراها، تنتشر بيوت ضيافة عدة يمكن ان ينام فيها وان يتناول الأطباق
اللبنانية المصنوعة من مكونات طازجة.
ومن المعالم التي يمكن زيارتها في منطقة جبل موسى أيضا الطاحون والمعصرة وهما يعودان إلى الحقبة العثمانية.
ولا بد من الإشارة أخيرا إلى ان المحمية فازت عام 2022 للسنة الثالثة على التوالي بجائزة Travelers Choice Award الصادرة عن موقع Tripadvisor العالمي، وصُنّفت من بين أفضل 10 في المئة من المواقع السياحيّة العالميّة؛ وذلك بناءً على تقييمات وتعليقات الزوار الإيجابيّة خلال عام 2021.