شكّلت صدمة الضرائب الأخيرة صفعة جديدة للبنانيين المثقلين أصلًا بالأعباء، في ظل تعثّر الحكومة بعد مرور أربعة أشهر على تشكيلها، وعجزها حتى اللحظة عن صياغة رؤية اقتصادية أو حتى إعداد ورقة عمل لانتشال البلاد من أزمتها الخانقة.
وكتبت" الديار":حذّر خبير اقتصادي من أن اللبنانيين سيواجهون مزيدًا من الإجراءات الضريبية المؤلمة في المرحلة المقبلة، معتبرًا أن حكومة الرئيس
نواف سلام تُدار فعليًا من قبل
صندوق النقد الدولي، الذي يُملي الشروط ويُنتظر التنفيذ، دون الأخذ بالحسبان التدهور الاجتماعي المتفاقم في البلاد.
الخبير ذكّر بأن فلسفة صندوق النقد غالبًا ما تتجاهل الواقع الاجتماعي، مستشهدًا بتجارب سابقة في دول خضعت لوصفاته الاقتصادية، حيث طُلب من شعوبها «شد الأحزمة على البطون الخاوية»، على حد تعبيره، مستعيدًا قولًا شهيرًا للرئيس الراحل سليم
الحص: «الصندوق يطلب من الهياكل العظمية شد الأحزمة».
الاتهامات وصلت الى كل اطراف الحكومة التي ما زالت على اشترارها في معالجة حقيقية وشاملة للازمة التي يعيشها
لبنان منذ حوالى ست سنوات ودون ان يكون هناك من وسيلة لمعالجة جراحية لا للمعالجة الانية، سوى فرض الضرائب وهو ما تلجأ اليه الحكومات في ظل الانظمة التوتاليتارية، وان كان معروفا ان اغلبية النقابات في لبنان باتت معلبة بعد ان وضعت
القوى السياسية اليد عليها.
على هذا الأساس، لا يُتوقع أن تهتز الحكومة أمام أي صرخة شعبية تصدح من هنا أو هناك، فيما يبقى الرهان على رئيس الجمهورية،
العماد جوزاف عون، الذي يواجه صعوبات جمّة في محاولة كسر هذا الواقع المأزوم.
وبحسب مصدر حكومي تحدّث إلى «الديار»، فإن الحكومة عاجزة عن تمويل الزيادات التي طُبقت أو ستُطبق على رواتب موظفي القطاع العام، بما فيهم العسكريون المتقاعدون، من خلال الضرائب وحدها، لأن اعتماد هذا المسار سيؤدي حتمًا إلى تعمّق الانهيار المالي والدخول في نفق يصعب الخروج منه.
ومع نهاية شهر أيار، بدأت الإجراءات القاسية تطفو على السطح. وفي هذا السياق، رأى المصدر أن كما تمكّن اللبنانيون من التكيّف مع سنوات طويلة من الأزمات والمعاناة، سيكون عليهم اليوم التأقلم مجددًا مع موجة جديدة من الضغوط، هذه المرة تحت غطاء «الإصلاح المالي» وبتكلفة اجتماعية باهظة.
لكن ما يغيب عن ذهن صانعي القرار، هو أن الفقير وحده من سيدفع ثمن هذه «الإصلاحات»، إذ لا حماية له من ارتفاع الأسعار، ولا قدرة لديه على تحمّل ضرائب جديدة تُفرض على أبسط أساسيات العيش. ففيما تُحافظ الطبقة السياسية على امتيازاتها، يجد المواطن العادي نفسه وجهًا لوجه مع الجوع، والقلق، وغياب أي أفق للخلاص.
وكتبت" الاخبار": عندما فرض
مجلس الوزراء ضريبة على المازوت، استغلّت مافيا المولّدات الأمر لرفع أسعار الاشتراكات، بما يشبه إعلاناً للسلطة والمستهلكين، بأنها متفلّتة من كل رقابة وأنها وحش لا يمكن كبحه.
فقد سارع أصحاب المولدات إلى زيادة سعر الكيلوواط ساعة بنسبة تُراوح بين 20% و30% للمشتركين بالعدادات بينما التسعيرة المقطوعة ازدادت بنسبة 20%. وبذلك أصبحت الأسعار التي يستوفيها أصحاب المولدات من المشتركين أعلى من التسعيرة التي تفرضها
وزارة الطاقة بنسبة 100%.
نظرياً لا تعدو الزيادة على المازوت أكثر من 178 ألفاً، أي أقل من دولارين لكلّ صفيحة (20 ليتراً). لكن تأثيرات الزيادة على مادة المازوت أكثر حدّة من الزيادة على مادة البنزين. في الأساس، لا تلتزم أكثرية المولدات في الأحياء بتسعيرة وزارة الطاقة الشهرية للكيلواط ساعة. ورغم تأكيد وزارة الطاقة أنّ تسعيرة أيار تبلغ 28 ألف ليرة لكلّ كيلواواط ساعة، إلا أنّ أصحاب المولدات كان لهم رأي آخر. وبعد رفع سعر صفيحة المازوت، زادت تسعيرة الكيلوواط بنسبة 100% مقارنةً بتسعيرة وزارة الطاقة. إذ استغلّ أصحاب المولّدات فوضى الأسعار التي خلقتها الحكومة لتحقيق المزيد من الأرباح.
وبحسب أرقام وزارة الطاقة والمياه، يجب أن يدفع المشترك نحو 24 دولاراً، لكنّه بات مجبوراً أن يدفع 43 دولاراً، ما يعني أنّ صاحب المولّد يسعّر الكيلوواط بـ55سنتاً، والبدل الثابت 15 دولاراً.
وفي سياق مرتبط، وبعد رفع تسعيرة المازوت توسعت مخالفة أصحاب المولّدات من الذين لا يلتزمون بتركيب العدادات. وأضيفت على الفواتير الشهرية للمشتركين مبالغ عشوائية تراوحت من 15 دولاراً إلى 30 دولاراً.