يتجّه «حزب الله» إلى ضبط العلاقة مع رئيس الحكومة نواف سلام، بعد توترات شهدتها خلال الأسبوعين الأخيرين على خلفية مواقف سلام من حصرية السلاح بيد الدولة؛ إذ تراجعت الحملة الإعلامية ضد سلام بعد لقائه
رئيس مجلس النواب نبيه بري، الاثنين، في حين كشفت مصادر نيابية في الحزب، عن أن التواصل المباشر مع سلام سيتولاه رئيس "
كتلة الوفاء للمقاومة"
النائب محمد رعد.
وقال مصدر في «الوفاء للمقاومة» لـ«الشرق الأوسط» إن العلاقة مع رئيس الحكومة «محكومة بقنوات اتصال مباشرة، وتحديداً بين رئيس كتلتنا (رعد) ورئيس الحكومة، ولا يتم التعاطي فيها عبر الإعلام أو المنابر». وأضاف: «نحن لسنا في موقع الدخول في سجالات علنية أو ترويج لمواقف غير منسوبة رسمياً إلينا، خصوصاً عندما تتعلق بقضايا وطنية كبرى».
ويقول مطلعون على العلاقة بين الطرفين، إن الحزب يأخذ على سلام أنه منذ توليه رئاسة الحكومة «يتحدث بخطاب لا يضع في الحسبان التوازنات الداخلية والحساسية التي تتطلب مقاربة هادئة»، وأن الحزب كرر في تصريحاته العلنية رفضه أن تُستخدم ملفات بحجم السلاح أو السيادة «وسيلةً لفرض أمر واقع أو استرضاء الخارج».
في المقابل، ينفي المقربون من سلام تلك الاتهامات، وأوضح رئيس الحكومة خلال لقائه مع
بري، الاثنين، أن حكومته «لم تخرج عن البيان الوزاري»، وأن تصريحاته الأخيرة «لم تكن تهدف إلى الربط بين السلاح والإعمار»، بل «تندرج ضمن الالتزامات التي نالت الحكومة على أساسها الثقة». كما ينفي أن تكون هناك أي ضغوط خارجية عليه في هذا الملف.
ويؤكد مصدر حكومي لـ«الشرق الأوسط» أن «الرئيس سلام لم يأتِ إلى السراي الحكومي بمشروع تحدٍ أو تصفية حسابات، بل أتى حاملاً تصوراً واضحاً حول كيفية إدارة الدولة في هذه المرحلة الدقيقة». ويضيف: «منذ اللحظة الأولى لتكليفه، التزم بما نصّ عليه
الدستور، وأعلن احترامه لاتفاق
الطائف والبيان الوزاري الذي نال على أساسه الثقة».
ويتابع المصدر: «هذا البيان الوزاري ليس مجرد ورقة شكلية، بل يتضمن التزامات واضحة، أبرزها حصرية السلاح بيد الدولة، وتعزيز سلطة الجيش والقوى الأمنية على كامل الأراضي
اللبنانية، ورفض أي مظلة فوق القانون. هذا هو جوهر مشروع الدولة الذي يؤمن به الرئيس سلام، ولا مجال فيه للمناورة أو الالتباس».
ويشدد المصدر على أن «الحكومة تتجه جدياً نحو تطبيق هذه الثوابت على الأرض، وليس الاكتفاء بتردادها»، مشيراً إلى ان الخطوات التنفيذية «بدأت تظهر بالفعل، من خلال تحريك ملف السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، ودعم تحرك
الجيش اللبناني في بعض مناطق الجنوب». ويؤكد أن الحكومة «ليست في وارد خلق خصومات مع أي طرف داخلي، بل تحرص على التوازن الوطني. لكن هذا لا يعني تعليق تطبيق القانون أو تعطيل خطة استعادة السيادة. الرئيس سلام لا يخوض معركة شخصية، بل يقود مساراً إصلاحياً سيادياً نابعاً من تفويض نيابي وشعبي واضح».