اجتاحت موجة متجددة من التقلبات الأسواق العالمية، قبل أيام قليلة من فرض الرئيس دونالد ترامب رسوماً جمركية، في وقت عوضت مؤشرات الأسهم بخسائرها في المرحلة الأخيرة من ربع سنة اتسم بالتوتر. ومع انتعاش الأسهم، ابتعدت السندات عن أعلى مستوياتها في الجلسة، في حين ارتفعت أسعار الذهب إلى مستويات قياسية.
ومن نيويورك إلى لندن وطوكيو، شهدت مؤشرات الأسهم تقلبات حادة. وبينما عوض مؤشر "إس آند بي 500" انخفاضه بنسبة 1.7%، شهدت الأسهم الأميركية أسوأ ربع سنوي لها منذ عام 2022.
وقادت المجموعات الدفاعية المكاسب يوم الإثنين، وانضمت أسهم الشركات المنتجة للطاقة إلى موجة ارتفاع أسعار النفط، بعد أن أشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى أن
الولايات المتحدة قد تعمل على تقليص شحنات النفط الخام من
روسيا. وظلت الشركات الكبرى تحت الضغط.
هذه المرة الأولى منذ بدء الجائحة في آذار 2020 التي ترتفع فيها السندات وتنخفض فيها الأسهم خلال ثلاثة أشهر. أما الدولار، الذي لطالما كان ملاذاً آمناً خلال فترات البيع المكثف في السوق، فقد تراجع مؤخراً. وشهد الدولار الأميركي أسوأ بداية له منذ عام 2017.
في السياق، ارتفع مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 0.6%، ولم يشهد مؤشر "ناسداك 100" تغيراً يُذكر،
في حين ارتفع مؤشر "داو جونز" الصناعي بنسبة 1%.
وتصدرت شركتا "تسلا" و"إنفيديا" الخسائر في الشركات ذات القيمة السوقية الضخمة، بينما ارتفعت أسهم "أبل". وارتفعت أسهم "نيوزماكس" بشكل حاد في أول جلسة تداول لها. وتراجعت أسهم شركات اللقاحات بعد استقالة مسؤول تنظيمي كبير من إدارة الغذاء والدواء الأميركية.
وانخفض العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بثلاث نقاط أساس ليصل إلى 4.22%، كما ارتفع مؤشر "بلومبرغ" للدولار الفوري بنسبة 0.2%، وتجاوز سعر الذهب 3100 دولار أميركي لأول مرة.
وسط كل هذا القلق بشأن الآثار الاقتصادية للرسوم الجمركية، خفض ديفيد كوستين، من مجموعة "غولدمان ساكس"، هدفه لمؤشر "إس آند بي 500"، ويتوقع الآن أن ينهي المؤشر العام عند حوالي 5700 نقطة، مقارنةً بتقديراته السابقة البالغة 6200 نقطة.
وكتب كوستين في مذكرة: "إذا تدهورت توقعات النمو وثقة المستثمرين أكثر، فقد تنخفض التقييمات أكثر بكثير مما توقعنا".
وأضاف: "نواصل توصية المستثمرين بترقب تحسن في توقعات النمو، أو مزيد من عدم التناسق في أسعار السوق، أو انخفاض في مراكزهم، قبل محاولة التداول عند أدنى مستويات السوق".
وأشار كيث ليرنر من شركة "توريست أدفايزوري سيرفيسز" (Truist Advisory Services)، إلى أنه مع ضعف الوضع الاقتصادي مقارنةً بالتوقعات، من المرجح خفض توقعات الأرباح، في وقت تتحسن فيه التقييمات، ولكنها لا تزال غير جذابة.
وقال: "ينبغي على المستثمرين أن يكونوا أكثر حيادية وأقل هجومية مقارنةً بالسنوات الأخيرة، نظراً لتباين المخاطر والعوائد". وأضاف: "لذلك، نتوقع استمرار بيئة السوق المتقلبة خلال الأسابيع والأشهر القليلة القادمة، ومن غير المرجح أن نشهد عودة سريعة إلى مستويات قياسية جديدة".
بالتوازي، بلغ الترابط بين الأسهم الفردية في مؤشر "إس آند بي 500"، وهو مقياس لمدى تحركها بالتوازي، أحد أدنى مستوياته خلال 25 عاماً، رغم ارتفاعه هذا الشهر، وذلك وفقاً لبيانات جمعها المحلل المستقل جيم بولسن.
وقال بولسن، الذي تشمل مسيرته الممتدة لأربعة عقود في وول ستريت مناصب في مجموعة "ليوثولد" وإدارة رأس المال لدى "ويلز فارغو": "حتى الآن، شهدنا تصحيحاً منهجياً للغاية وأشبه بالملل". وأضاف: "الترابط هو مجرد عنصر آخر يخبرني أننا لم نقم بعد بما يلزم، لنكون مستعدين للمرحلة التالية من الصعود".
وقد انخفض مؤشر "إس آند بي 500" لفترة وجيزة دون أول مستوى مقلق كان المتداولون يراقبونه في بداية الجلسة، أي 5504.65 نقطة، وهو أدنى مستوى سجّله المؤشر خلال التداولات اليومية في 13 آذار . لكن المؤشر الأوسع للأسهم سرعان ما استعاد هذا المستوى. والسؤال الآن هو ما إذا كان سيبقى فوقه. (بلومبيرغ)