فيما تحتمي الغالبية الساحقة من المواطنين الإسرائيليين داخل غرف محصّنة وملاجئ مجهزة في مواجهة تهديدات الصواريخ الإيرانية، يجد نحو 317 ألف بدوي في صحراء النقب أنفسهم خارج نطاق الحماية، حرفيًا.
صحيفة "هآرتس"
الإسرائيلية كشفت في تقرير لافت أن البدو في جنوب البلاد، خصوصًا سكان القرى غير المعترف بها رسميًا، يفتقرون إلى أبسط شروط الحماية المدنية، حيث لا وجود لملاجئ أو غرف آمنة في معظم مناطقهم، رغم وقوعها ضمن دائرة الخطر المباشر لأي تصعيد عسكري.
تحت الجسور وفي قنوات الصرف الصحي
فجر الجمعة الماضي، ومع انطلاق
صفارات الإنذار في أرجاء الجنوب، اختبأ سكان القرى البدوية في أماكن بدائية وغير آمنة، تحت الجسور والأنفاق في الطرق الرئيسة، داخل قنوات الصرف الصحي، بين أنقاض المباني المهجورة
وتكرر هذا المشهد، بحسب "هآرتس"، حتى في القرى المعترف بها رسميًا من الدولة، ما يسلّط الضوء على فشل سياسات التخطيط والبنى التحتية في ضمان المساواة بالحماية.
كما فر بعضهم إلى مواقف السيارات تحت الأرض في بئر السبع، وبقوا هناك حتى الصباح، فيما لجأ آخرون إلى ملاجئ الكنيس في المدن القريبة.
ولم يكن أمام الكثيرين خيار سوى البقاء في العراء، إذ أفرغ بعضهم الغرف المهجورة لقضاء الليل، ولم يقدم أحد المساعدة، لا لصدمة الأطفال، ولا للحماية، وفق ما نقلت "هآرتس" عن بدو في النقب.
وفي ليل الجمعة، عندما بدأت الصواريخ تتساقط وتلونت السماء باللون البرتقالي، سار إبراهيم الغريبي، أحد سكان قرية السر غير المعترف بها، والتي هدمت جزئيا من قبل الحكومة الإسرائيلية، بين المنازل المدمرة، محاولا تهدئة جيرانه.
ويقول "كل ما كنت تسمعه هو صراخ الأطفال، صرخات حقيقية. حاولت تهدئتهم، لكن دون جدوى. دُمرت بعض المنازل، وبقي بعضها الآخر، لكن لم ينم أحد.
ويضيف "ركض بعض الناس إلى الجسور أو الخنادق، أينما استطاعوا. وظل كثيرون في العراء قائلين: سنموت هنا. لا شيء يمكننا فعله".
كما تنقل الصحيفة
العبرية عن شخص يُدعى محمد قوله إن بالقرب من منزلهم القديم في القرية، يوجد ملجأ واحد لم توفره الحكومة الإسرائيلية، بل تبرع به القطاع الخاص، مشيراً إلى أنه صغير جداً وبالكاد يكفي العائلة بأكملها.
ويضيف "أما في
تل أبيب، تُحصّن غرف الناس، أما نحن، فلا نملك شيئاً. نحن مُعرّضون للخطر تماماً. ونحن مواطنون في
هذا البلد. لا يُمكن للدولة أن تستمر في تجاهلنا، هذه حياتنا. يجب أن تتحمل مسؤوليتها".
وأعادت الهجمات الإيرانية هذا الأسبوع مشاهد سابقة من ضربات مماثلة في تشرين الأول الماضي، وتنقل "هآرتس" قصة بدوية تُدعى "أمينة" اخترقت شظايا الصواريخ منزلها وأصابتها في رأسها، ومنذ ذلك الحين وهي لا تزال تتعافى، ولا تزال على كرسي متحرك. (ارم)