يعيشُ جمال الخضر مع عشرات اللاجئين السوريين في مخيم "بروشيفو" في صربيا، بانتظار فرصة مواتية لمواصلة طريقهم نحو النمسا أو ألمانيا، لكن قبولهم لاجئين هناك لم يعد مضمونا بعد سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد.
ويمثل أولئك السوريون، المهاجرين الأسوأ حظا في موجة اللجوء السورية التي انطلقت بعد العام 2011، حيث حظي الملايين فيها بتعاطف شعبي ورسمي في دول اللجوء، وتسهيلات في قبولهم لاجئين في دول أوروبا الغربية، وفق ما ذكر تقرير لموقع "إرم نيوز".
وكان مجرد كونهم من سوريا التي عاشت سنوات حرب طاحنة، كفيلا بقبول طلباتهم في دول اللجوء، لكن تلك الميزة في ملف اللجوء لم تعد موجودة بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول الماضي.
عدد كبير من اللاجئين السوريين كانوا قبيل ذلك التاريخ بأيام وأسابيع في طريقهم نحو أوروبا، والذي قد يمتد لأشهر يتنقلون فيها في البراري والجبال والغابات والمخيمات عبر عدة دول، قبل الوصول لوجهتهم النهائية في أوروبا الغربية.
لكن المفاجأة غير المتوقعة خلال رحلة اللجوء تلك، كانت في سقوط حكم نظام الأسد خلال 12 يوما فقط من بدء عملية عسكرية للمعارضة، ليجد أولئك السوريون أنفسهم محاطين بمواقف رسمية لدول اللجوء تقيد منح الإقامات للسوريين الذي يصلون بعد سقوط نظام بلدهم.
وقال جمال الخضر، إن الأمر لا يقتصر على السوريين في مخيم "بروشيفو" القريب من حدود صربيا مع مقدونيا، بل يواجه سوريون في مخيمات أخرى في صربيا واليونان وبلغاريا المصير المجهول ذاته.
وأضاف الخضر لـ "إرم نيوز" إن القاسم المشترك في المهاجرين السوريين الذي صادفهم في المخيم، وبعضهم قدم من مخيمات دول أخرى، هو كونهم شهدوا سقوط النظام السوري في طريق رحلتهم الطويل، ليفقدوا أهم سبب لقبولهم لاجئين بشكل رسمي.
وأوضح أن من وصلوا إلى النمسا أو ألمانيا، بعد سقوط النظام السوري السابق، لم يكونوا أحسن حظا؛ إذ سرعان ما قيدت تلك الدول قبول السوريين الوافدين إليها، لاجئين، لابل تعتزم بعضها إعادة دراسة طلبات اللجوء القديمة.
وفي 9 كانون الأول 2024، أي بعد يوم واحد من سقوط نظام الأسد، أعلن المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا (BAMF) تعليق إجراءات البت في جميع طلبات اللجوء المقدمة من قبل مواطنين سوريين بشكل مؤقت.
ولم يكن ذلك هو الخبر الحزين الوحيد الذي تلقاه المهاجرون السوريون العالقون في الطرقات والمخيمات المؤقتة، حيث اتخذت غالبية دول أوروبا الغربية قيودا مماثلة على منح الموافقة لطالبي اللجوء السورين الجدد.
"الحوادث الجنائية"
كذلك، تزيد الحوادث الجنائية التي تشهدها أوروبا، ويكون الجاني فيها لاجئا سوريا، من قلق أولئك المهاجرين على الطريق، حيث يعقبها قيود جديدة على قبول لاجئين جدد.
وبين تلك الحوادث، ما جرى في النمسا التي شهدت قبل نحو أسبوعين هجوم لاجئ سوري بسكين على المارة في وسط مدينة "فيلاخ"؛ ما أسفر عن مقتل فتى يبلغ من العمر 14 عاما وإصابة ستة آخرين.
ورغم أن الهجوم انتهى بتدخل لاجئ سوري آخر مر بالصدفة في المكان، وصدم المهاجم بسيارته لتحييده، إلا أن وزير الداخلية النمساوي، غيرهارد كارنر دعا إلى فرض مراقبة جماعية على اللاجئين السوريين والأفغان.
وبينما كانت تكلفة اللجوء المادية وصعوبة وخطورة الطريق، هي العائق الرئيس للمهاجرين السوريين، بات قبولهم لاجئين بشكل رسمي عائقا جديدا هو الأكبر بالنسبة لهم.
ومع ذلك، فلا أحد منهم يفكر بالعودة، فوفقا للأمم المتحدة، تعاني سوريا من دمار واسع وانهيار اقتصادي يحتاج فيه ملايين السوريين في الداخل إلى المساعدات الإنسانية والحماية، سواء في مخيمات النزوح الداخلية أو في عموم البلاد.
وقبيل انطلاق قوافل المهاجرين السوريين الأخيرة، كانوا بجانب المهاجرين الأوكرانيين الأكثر حظاً في قبول طلبات اللجوء بدول أوروبا الغربية، عندما كان مهاجرون من دول أخرى، مثل أفغانستان، ينتحلون هويات سورية لتحسين فرص قبول طلباتهم.
لكن كل شيء قد تغير في غضون 12 يوما، على الرغم من توقع استئناف حركة الهجرة من سوريا بعد انقضاء فصل الشتاء الذي يتجنب طالبو اللجوء التحرك فيه خشية البرد القارس والثلوج والأمطار في الطريق نحو أوروبا، لدوافع اقتصادية هذه المرة أكثر من كونها أمنية كما جرت العادة في السنوات الماضية. (إرم نيوز)