ما زالت حادثة الطائرة المروعة في العاصمة الأميركية واشنطن تشغل المحللين والخبراء وتطرح العديد من التساؤلات، أبرزها عن سبب عدم تجنب المروحية لطائرة الركاب وتفادي هذا العدد الكبير من الضحايا.
ولفهم الأمور أكثر وحيثيات الحادث، يجب معرفة أولاً كيف يتم تقسيم المجال الجوي في مطارات الولايات المتحدة.
فمن أجل تمكين الطيران الآمن، يتم تقسيم المجال الجوي إلى فئات تتراوح من المناطق الخاضعة لسيطرة مشددة للغاية حول المطارات إلى مناطق أخرى، معظمها ريفية، حيث تكون القواعد أكثر مرونة.
والمناطق الأكثر صرامة في التحكم هي المجال الجوي من "الفئة أ"، مثل المنطقة المحيطة بمطار رونالد ريغان الوطني في واشنطن، وفق تقرير لصحيفة "تليغراف".
ويتعين على الطيارين الحصول على تصريح من مراقبة الحركة الجوية للدخول، وباستثناء حالات الطوارئ، يجب عليهم اتباع تعليمات مراقبة الحركة الجوية - مثل التوجيه أو الارتفاع أو الإذن بالهبوط - حرفيًا.
وإذا كانت تعليمات مراقبة الحركة الجوية صحيحة ليلة الحادثة، فيبدو أن طائرة الركاب حصلت على تصريح للاصطفاف والهبوط على المدرج 33.
أما في الرحلات الجوية العادية خارج المجال الجوي الخاضع للرقابة، عندما تقترب طائرتان من بعضهما البعض، فإن الطائرة الموجودة على الجانب الأيمن لها حق المرور.
ولهذا السبب، يوجد ضوء أحمر في أحد الجناحين وضوء أخضر في الجناح الآخر، حيث يكون للطائرات المقتربة إشارة بصرية لاتخاذ إجراء تجنب أو عدم القيام بذلك، اعتمادا على لون الضوء الذي تراه.
مع ذلك، بمجرد منح الإذن بالهبوط من قبل مراقبة الحركة الجوية، لا يتعيّن على الطائرة تغيير مسارها حتى لو كانت طائرة أخرى تقترب من جانبها الأيمن، كما يبدو في هذه الحادثة.
وكان ينبغي للمروحية أن تفسح المجال لطائرة الركاب. وكان ينبغي لطاقم بلاك هوك أيضاً أن يطلب الإذن من مراقبة الحركة الجوية "بعبور المدرج النشط"، أي التحليق فوق المدرج النشط وخط وهمي ممتد من ذلك المدرج إلى حدود منطقة مراقبة الحركة الجوية.
هذه آلية أمان أخرى مصممة لإبقاء هبوط الطائرات ومستخدمي المجال الجوي الآخرين بعيدا عن بعضهم البعض. في نصوص مراقبة الحركة الجوية التي تم إصدارها حتى الآن، يبدو أنه لم يتم منح مثل هذا الإذن.
والتقطت محطة LiveATC، وهي مصدر عام لبث الراديو التابع لمراقبي الحركة الجوية، الإرسال النهائي من المراقبين إلى مروحية الجيش الأميركي، التي كانت تستخدم إشارة النداء PAT25.
وقال أحد مراقبي الحركة الجوية: "PAT25، هل لديك طائرة CRJ (طائرة الركاب) في الأفق؟ PAT25، مر خلف CRJ".
ويتم تنفيذ مثل هذه المناورات أي "المرور من الخلف" بشكل روتيني كل يوم في كافة أنحاء العالم، على الرغم من أن الموافقات البصرية تميل إلى أن تُمنح في وضح النهار وليس في الليل.
لكن بعد ثوانٍ من إرسال ATC، وقع الاصطدام، مع وجود ضوضاء في الخلفية في التسجيل تشير إلى أن أفرادا آخرين في برج المراقبة شاهدوا كرة النار أثناء حدوثها.
وأشار الإرسال إلى أن طياري المروحية تلقيا تعليمات بالتعرف بصرياً على طائرة الركاب CRJ والتأكد من تحليقهما خلفها أثناء عبور مسار الاقتراب إلى المدرج 33.
وعادةً ما يُتوقع من الطيار أن يقر بتعليمات مراقبة الحركة الجوية بقوله "حركة مرور في الأفق" أو "حركة مرور غير مرئية".
إلا أن هذه الإجابة أبدا لم تأتِ. (العربية)