Advertisement

عربي-دولي

تفاصيل لافتة.. ماذا تريد إسرائيل من سوريا والجولان؟

Lebanon 24
20-01-2025 | 11:00
A-
A+
Doc-P-1308768-638729708421136737.jpg
Doc-P-1308768-638729708421136737.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
نشر موقع "الجزيرة نت" تقريراً جديداً تحدث فيه عما تريده إسرائيل في سوريا بعد توغلها في الجولان واحتلالها أراضٍ جديدة هناك وصولاً إلى سيطرتها على قمة جبل الشيخ.
 
 
Advertisement
ويقول التقرير إنه في أيلول 2011، وبعد قرابة 6 أشهر من اندلاع الثورة السورية، كتب "إفرايم إنبار"، أستاذ العلوم السياسية في جامعة "بار إيلان" الإسرائيلية، ورقة بحثية عن أهمية احتفاظ إسرائيل بالسيطرة على مرتفعات الجولان السورية، حرَّض خلالها قادة إسرائيل على رفض صيغة "الأرض مقابل السلام"، فيما يخص منطقة الجولان المُحتلة على وجه التحديد.
 
 
واعتبر إنبار أن المكسب السياسي من وراء هذه المقايضة سوف يكون محدودا لإسرائيل، قياسا بالوضع الراهن، المتمثل في احتلال الأراضي السورية، الذي عدَّه "إفرايم" مُفضَّلا عن أي بديل آخر، وأكثر أهمية من عقد معاهدة سلام مع أي نظام سوري.
 
 
وفي معرض تفسير وجهة نظره، أشار إنبار إلى أن السوريين لن يقدِّموا إلى إسرائيل أكثر من "سلام بارد"، في حالة تنازلها عن الجولان، على غرار السلام مع مصر، الذي تضمَّن وعدا رسميا بالامتناع عن استخدام القوة ضد إسرائيل، لكنه في الوقت ذاته اتسم بمستوى عالٍ من العداء الشعبي والعداء الإعلامي، وأبقى على صورة إسرائيل العدائية النمطية، مما أسهم في نقلها إلى الأجيال التالية.
 
 
وبجانب هذه العوامل، أشار إنبار إلى عامل الاضطراب السياسي الذي أبرزته "انتفاضات الربيع العربي"، التي تزامنت مع توقيت نشر ورقته، مشيرا إلى أن التحديات الداخلية التي تواجهها أغلب الأنظمة العربية، بما في ذلك نظام الأسد، تأتي في المقام الأول من قِبَل جماعات المعارضة الإسلامية المعادية لإسرائيل التي قد تُشكِّل خطرا عليها.
 
 
وفي حين استبعد إنبار تمكين العناصر الليبرالية في سوريا على المدى القريب، رجَّح أنها لن تكون أيضا أكثر ميلاً إلى المصالحة مع إسرائيل، في حالة تولّيها زمام السلطة في دمشق.
 
 
وبحسب رأيه، فإن اجتماع هذه الظروف يُسهِّل الانتقال من "السلام البارد" إلى الحرب في أي لحظة قادمة. ولذا، تبرز حاجة إسرائيل إلى إبقاء سيطرتها على مناطق حدودية دفاعية إستراتيجية مثل الجولان.
 
 
وبعد ساعات من انهيار نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول الماضي، بادرت إسرائيل بالتوسع داخل الجنوب السوري واقتحام المنطقة العازلة في الجولان التي جرى ترسيمها في اتفاق وقف الاشتباك بين سوريا وإسرائيل عام 1974، كما سيطرت على جبل الشيخ في أقصى الجنوب الغربي لسوريا المتاخم للحدود مع لبنان وإسرائيل، الذي يعطي الأخيرة أفضلية إستراتيجية واستخباراتية عالية، نظرا لارتفاعه الهائل وسهولة الوصول منه إلى المناطق المحيطة بما فيها دمشق.


وفي تطور أكثر حِدَّة، قتلت إسرائيل عنصرين من عناصر إدارة العمليات العسكرية وآخر مدنيا في 15 كانون الثاني الجاري جراء عملية قصف نفذته مسيّرة إسرائيلية استهدفت رتلاً عسكرياً تابعاً لإدارة العمليات العسكرية في بلدة غدير البستان بريف القنيطرة جنوبي سوريا.
 
 
وفي ظل تلك التطورات التي تأتي في سياق مشهد أمني إقليمي معقد على إثر تطورات حرب طوفان الأقصى وتداعياتها الواسعة، ثم عملية "ردع العدوان" التي أطاحت بنظام الأسد، تكتسب الجولان أهمية مضاعفة، وتبرز الأسئلة حول الأبعاد الإستراتيجية للمنطقة ومآلات الصراع عليها.
 
 
الجولان.. أبعاد إستراتيجية
 
 
لطالما احتلت مرتفعات الجولان حيزا كبيرا من مناقشات الإستراتيجية السياسية والعسكرية في إسرائيل، حيث كان التساؤل الذي يتصدر هذه المناقشات بشكل دائم هو: "أي الخيارات أفضل لإسرائيل، سلام بدون جولان أم جولان بدون سلام؟".
 
 
وقد طُرحت مسألة التخلي عن الجولان من جانب البعض داخل إسرائيل، باعتقاد أن تحقيق السلام مع دمشق سوف يبعد النظام السوري عن تحالفه الإستراتيجي مع إيران وحزب الله.
 
 
كذلك، قلَّلت تلك الآراء من أهمية الجولان على المستوى العسكري، بدعوى أن الأسلحة المتقدمة التي يمتلكها الجيش الإسرائيلي باتت قادرة على تعويض تراجعه وراء هذه المرتفعات، وأن التخلي عن الجولان لن يُعرِّض إسرائيل لهجوم سوري مفاجئ يهدد وجودها، وأن أقصى أضراره المتوقعة تتمثل في تقليص بعض المزايا العسكرية، أو بحسب تعبير "دان هوريتز"، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية بالقدس، "ستكون مخاطرة في السياق العسكري العملياتي الضيق، ولكن ليس في السياق الإستراتيجي".
 
 
لكن هذه الآراء لم تصمد أمام طوفان الاعتراض، الذي اعتبر التخلي عن الجولان مخاطرة عسكرية كبرى، من جهة أنه يوفر لإسرائيل العديد من المزايا الطوبوغرافية الحاسمة التي كان لها دور تاريخي في إبطاء الهجوم العسكري السوري المفاجئ في تشرين الأول 1973، مما منح إسرائيل الوقت الكافي لاستدعاء تشكيلات الاحتياط ونشرها، إضافة إلى تلقي الدعم العسكري الأميركي مع تنفيذ حملة قصف إستراتيجي في العمق السوري، ما أدى في الأخير إلى إحباط الهجوم.
 
 
كذلك، فإنّ التخلي عن هذه المرتفعات يسمح بتشكيل نتوء غير قابل للدفاع عنه في منطقة الجليل الأعلى (إصبع الجليل)، وهي عبارة عن شريط ضيق بعرض 7 كيلومترات وبطول يبلغ 62 كيلومترا تقريبا، يقع شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة بين جنوب لبنان والجولان، مما يزيد من فرص فصل آلاف المستوطنين الإسرائيليين الذين يقطنون هذه المنطقة واحتجازهم رهائن، في حالة وجود هجوم من قِبَل القوات السورية وحزب الله اللبناني.


ومن المنظور الجيوستراتيجي، تُحقِّق السيطرة على الجولان عدة مزايا، حيث دفعت الحدود بين سوريا وإسرائيل شرقا، حتى باتت تقع على طول خط تجمعات مائية في التلال الشرقية من الهضبة، بما يُشكِّل خطا دفاعيا طبيعيا أمام أي هجوم عسكري تقليدي، كما تفرض تضاريس المنطقة على الجانب المهاجم توجيه قواته في ممرات مختنقة بين التلال، مما قد يُمكِّن قوة دفاعية صغيرة من عرقلة الهجوم وصدّه لحين استقدام التعزيزات.
 
 
ومن جهة أخرى، تُشكِّل الجولان منصة طبيعية حاسمة في جمع المعلومات الاستخباراتية، وتحديدا في جبل الشيخ الذي يبلغ ارتفاعه نحو 2800 متر ويُمثِّل الحد الشمالي للجولان، ويوفر قدرة هائلة على مراقبة المنطقة كاملة، ويلعب دورا محوريا في مراقبة تحركات القوات السورية في دمشق وما حولها.
 
 
وقد أنشأت إسرائيل هناك في أوقات سابقة سلسلة من مواقع المراقبة والتنصت، وتعتبرها حيوية للغاية بحيث لا يمكن المساس بها، وبفضل هذه المواقع يمكن متابعة الأهداف في عمق الأراضي السورية، ومن ثم استخدام الذخائر الدقيقة الموجَّهة ضدها، وكذلك توفير فرص الإنذار المبكر في حالة الهجوم الوشيك.


وفي سياق أوسع، تعزز سيطرة إسرائيل على الجولان من أمن منطقة خليج حيفا الإستراتيجي على ساحل البحر المتوسط، عبر زيادة المسافة بينه وبين المواقع السورية لما يقرب من 90 كيلومترا، وهي المنطقة التي تعتبرها إسرائيل مركزا صناعيا مهما، إذ تضم أحد موانئها الرئيسية، وتُشكِّل جزءا من المثلث الإستراتيجي الحيوي (إلى جانب القدس وتل أبيب)، حيث تنتشر معظم البنية التحتية والسكان.
 
 
وباعتبار هذه المعطيات، ثمة اعتقاد منتشر على نطاق واسع بين الإسرائيليين مفاده أن الهدوء الذي يسود الجبهة السورية منذ عام 1974، رغم غياب معاهدة سلام مع دمشق، ورغم التوترات الإقليمية المتتابعة، لم يكن نتيجة فاعلية الدفاعات الإسرائيلية فحسب، بقدر ما كان نتيجة اقتراب القوات الإسرائيلية في الجولان من دمشق، حيث كان يفصل بينهما نحو 60 كيلومترا فقط -قبل التوغلات الأخيرة- مما يضع العاصمة السورية في متناول القوة الإسرائيلية ويوفر قدرة هائلة على الردع.
 
 
وفي حال انسحاب القوات الإسرائيلية من المنطقة سوف تُحرَم من هذه الوضعية الإستراتيجية المميزة، بل وستكون متمركزة في القاع على عمق 200 متر تحت سطح البحر، في مواجهة هضبة شديدة الانحدار ترتفع نحو 300 متر فوق سطحه، مما يجعل خياراتها الدفاعية تجاه أي عملية برية معادية معقدة للغاية.
 
 
علاوة على ذلك، يستفيد الاحتلال من موارد الجولان الطبيعية وأهمها المياه. وبحسب شركة المياه الوطنية الإسرائيلية "ميكوروت"، فإن ثلث إمدادات إسرائيل من المياه تأتي من الجولان، كما توفر 21% من إنتاج العنب في إسرائيل، ونحو 50% من إنتاج المياه المعدنية، إضافة إلى 40% من إنتاج لحوم البقر.
 
 
ماذا تريد إسرائيل في سوريا؟
 
 
يتزامن الاعتداء الإسرائيلي على الأراضي السورية مع اقتراب بدء الولاية الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي اعترف بسيادة إسرائيل على الجولان عام 2019 خلال فترته الرئاسية الأولى، بما يُرجِّح أن إقدام إسرائيل على اعتداء آخر على الأراضي السورية لم يتعزز فحسب بحالة الفوضى التي أعقبت سقوط النظام السوري، أو بإنهاك القدرات السورية إثر صراعها المرير مع نظام الأسد، بل أيضا بسبب وجود دعم كبير محتمل للاستيطان الإسرائيلي من جانب إدارة البيت الأبيض القادمة.
 
 
ويشير مايكل يونغ، مدير تحرير مركز مالكوم كير كارنيغي الشرق الأوسط، إلى أن إدارة ترامب سعت في ولايتها السابقة إلى فرض إطار جديد للعلاقات العربية – الإسرائيلية، ويُمثِّل اعتراف ترامب بشأن الجولان أحد أوجه هذا الإطار الذي يتضمن القبول بواقع جديد، ترفض فيه إسرائيل تقديم أي تنازلات أو اللجوء إلى مسارات التفاوض، بحيث لا يُشكِّل مبدأ "الأرض مقابل السلام" أية قيمة في المستقبل، وعوضا عنه سوف تستخدم إسرائيل قوتها العسكرية في المزيد من عمليات التوسع الدفاعي، بمعنى أن أمن إسرائيل صار يتحقق عبر الاستيلاء على المزيد من الأراضي العربية دون حاجة إلى تفاهمات مع دول الجوار.
 
 
في السياق ذاته، يرى تسفي هاوزر، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والعضو السابق في الكنيست الإسرائيلي، أن من مصلحة إسرائيل تفكيك أي قوة عسكرية معادية محتملة في جبهتها الشرقية في المستقبل، وأن انقسام الساحة السورية إلى كيانات سياسية عدة من شأنه تغيير موازين القوة بما يخدم بلاده، ففي هذا السيناريو لن تضطر إسرائيل إلى الدفاع عن نفسها ضد قوة عسكرية موحدة، تكرس كل مواردها لمهاجمة إسرائيل، بل ضد قوات أصغر منفصلة.
 
 
وتتضمن أهداف إسرائيل من توغلها داخل الجولان، وتوجيه الضربات النوعية إلى المطارات السورية ومخازن الأسلحة الثقيلة، تجريد السلطة السورية القادمة من قدراتها العسكرية، بغرض ضمان تفوق إسرائيل العسكري على محيطها العربي والإسلامي، وهو الهدف ذو الأولوية الدائمة في العقيدة العسكرية الإسرائيلية.
 
 
كذلك، قد تتضمن هذه الأهداف توسيع المساحة الاستيطانية عبر وضع النظام السوري القادم أمام أمر واقع، يتمثل في خسارة المزيد من أراضي الجولان، أو اكتساب أوراق تفاوضية يمكن تقديمها في سبيل الوصول إلى اتفاق سلام مستقبلي مع دمشق، دون التخلي عن الجولان بأكمله.
 
 
والخلاصة أنه بعد عقود طويلة من الهدوء في الجولان، حيث كانت توصف بأنها أشد جبهات إسرائيل هدوءا طوال عقود، لا يُرجح أن تستمر في الهدوء ذاته خلال السنوات القادمة.
 
 
وفي ظل تجاذبات محلية وإقليمية تنتظر الشرق الأوسط في المستقبل القريب، وواقع جيوسياسي وأمني جديد قيد التشكل، ستكون الجولان واحدة من نقاطه الساخنة وبؤر التوتر المتصاعد والمستمر. (الجزيرة نت)
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك