نشر موقع "بلينكس" الإماراتيّ تقريراً جديداً تحدث فيه عن معاناة يعيشها النازحون الفلسطينييون في مُخيمات رفح بقطاع غزة، وذلك بسبب الحرب الإسرائيلية الدائرة هناك.
ويقول التقرير إنه "في مخيمات رفح، حيث تزداد الحياة قسوة يوماً بعد يوم، تتنقل الفنانة التشكيلية سلوى السباخي بين مشاهد معاناة النازحين الفلسطينيين، حاملة في قلبها هموم أطفالها وبارقة أمل دفينة رغم الويلات".
وفي حديث لها عبر "بلينكس"، تروي سلوى بمرارة وهي تروي معاناتها اليومية من خيمة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، وتقول: "الوضع في الخيم وبكل مكان صعب.. أجبرت على النزوح من وسط قطاع غزة إلى منطقة تل السلطان برفح. البرد من جهة والريح لم تترك شيئا إلا وأخذته من الخيم، والجوع من جهة أخرى، لا يوجد خبز إلا قليل، وإن وجدناه يكون غالياً".
في الخيمة، يبدأ يوم سلوى مبكراً مع صوت المؤذن يصدح بالأذان، وآخر عتمة الليل تزول.. تستفيق من نومها لتستطلع بارقة أمل في صباح يتنفس على رائحة البارود وأصوات القذائف.
ورغم ويلات القصف والذعر الدائم من أصوات الطائرات القريبة، فلا مهرب ولا وقت للكسل، فاليوم هنا مليء بالتعب والمشقة، وبصيص أمل وإن تباعد. وجبة الفطور لا بد منها لها ولأطفالها وزوجها، وإن كانت قليلة، وإذا أشرقت الشمس، تقوم بتجفيف الحرامات والملابس المبللة على الحبال.
أما إذا غابت الشمس ولم تشرق، فإن للفنانة مآرب أخرى، حيث تعمد إلى ترتيب خيمتها وتبدأ في تدريس صغارها الذين هم في الصفين الأول والثاني، حتى لا يفقدا العلم بسبب ويلات الحرب الضروس، كما تقول سلوى.
صقيع مفزع
للبرد قواعد صارمة فرضت نفسها بقوة لا يعرفها إلا من ذاقها.
تتحسر سلوى وتستذكر أول يوم من السنة الجديدة: "كان الناس يستقبلون العام الجديد بالهدايا والفرح، أما نحن ففي مخيماتنا كان الاحتفال بطريقة أخرى. كان هناك منخفض جوي قوي، استيقظنا فوجدنا الغيوم القادمة من جهة البحر كبيرة. تفاءلنا، ولكن تمنينا من كل قلوبنا ألا تمطر السماء لأنها ستؤدي إلى خسائر كبيرة في خيامنا".
ولكن تحكي سلوى أن المطر خذلها وأعلن عن نفسه بوضوح، وبين زخات المطر التي لم تتوقف، وجدت نفسها مجبرة على التحرك بسرعة، وتقول: "كل الخيم غارقة.. صرت أحفر خارج الخيمة أخدودا في الأرض لتنزل المياه بعيدا عن الخيمة".
أمراض البرد ولسعة الصقيع المرعبة زارت "سلوى" وأسرتها، فنالت نصيبها منهم جميعا.
وتشكو سلوى بمرارة من لسعة الصقيع المرعبة في شتاء قارس على نازحين في خيام مرعبة دون دواء شاف أو علاج كاف.
معارك يومية لسلوى في غزة
أصوات القذائف المرعبة والقصف المستمر ليلاً ونهاراً، ورؤية الدمار الشامل من كل صوب، وتوضح سلوى أن هذا "رعب أعيشه مع أطفالي وزوجي بشكل دوري حتى أصبح روتيناً مفزعاً لنا".
وبينما تحاول التكيف مع الأمر بالاعتياد، لكنها تصف العملية "أشبه بالمستحيل.. محال أن يتكيف قلبك مع هذا الرعب وصراخ الأطفال الدائم".
معركة أخرى تقودها سلوى لا يعلم عنها أحد شيئا، هي معركة شحن الهواتف المحمولة. وبما أن الخيام لا تحتوي على كهرباء، فعليها التحرك صوب مجمع لشحن الهواتف، لتخوض ما تخوض من معارك للوصول إلى غايتها، ليستخدم الهاتف بعد ذلك ككشاف ضوئي في عتمة الليل.
في وقت خروجها لشحن بطاريات الهواتف المحمولة، يكون زوجها قد تحرك بدوره إلى "التكية" للحصول على أي طعام متوفر هناك كلاجئين. وتقول: "هناك الناس تقاتل من أجل الحصول على قليل من الأكل. وإذا تمكن من الحصول على قليل من الأرز أو الفاصوليا من التكية يكفي قوت يومنا، فهذا إنجاز عظيم".تشير الفنانة إلى أن الفواكه والخضراوات موجودة بالفعل، لكنها باهظة الثمن وليس في طاقتها شراؤها.
فنون دفينة
رغم الصعاب، تحاول سلوى أن تضفي على حياة صغارها بصيصا من السعادة والأمل. فتقول: "بعد أذان العصر، أحيانا أجمع صغاري وأذهب إلى الشاطئ القريب. أجمع ما بقي من هدايا البحر وأستخدمها لصنع ميداليات صغيرة لحقائبي وحقائب الصغار".
في عتمة الليل والبرد القارس، وقبل الخلود إلى النوم، تشتاق سلوى كثيرا إلى فرشاتها ومعجونها ولوحاتها. تتذكر الفنانة التشكيلية الفلسطينية حالها قبل أقل من عامين فقط، وتضيف: "أحن بكل جوارحي إلى ذلك الماضي الآمن بلا حرب وبلا قتل وبلا نزوح وبلا مشكلات. أريد فقط أن نعيش بسلام بلا قتل أو نزوح أو مصائب. أريد فقط أن أعود إلى مرسمي من جديد وأرسم لأطفالي وأعلمهم".
ولا تفقد سلوى الأمل نهائيا في تحقيق أمنياتها في القريب العاجل، وتختتم حديثها قائلة: "دائما أرى أن الأمل ما زال يلوح في الأفق. أرجو أن تنتهي هذه الحرب على خير ونعود إلى بيوتنا". (بلينكس - blinx)