في خطوة محورية نحو تحديث المؤسسات العامة في
لبنان، وقّعت وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية والجامعة الأميركية في
بيروت، من خلال مكتب وكيل الشؤون الأكاديمية ومنصة المشورة للجهات الحكومية، مذكرة تفاهم في 17
تموز 2025. وتهدف هذه المذكرة إلى إرساء إطار عام للتعاون بين الطرفين يسعى إلى تعزيز السياسات العامة المبنية على الأدلة، وتحفيز الابتكار في تقديم الخدمات العامة، وربط الخبرات الأكاديمية بجهود الإصلاح المؤسسي.
تجسيداً لالتزام مشترك بدعم الحوكمة الفعّالة والشفافة والمتمحورة حول المواطن، جرى توقيع المذكرة
في الجامعة الأميركية في بيروت بحضور معالي
وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية الدكتور فادي مكي ورئيس الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فضلو خوري، اللذَين وقّعا الاتفاقية بحضور وكيل الشؤون الأكاديمية في الجامعة الدكتور زاهر ضاوي، بالإضافة إلى نواب رئيس الجامعة وعمداء الكليات وإداريين وأكاديميين وممثلين عن الوزارة.
وفي كلمته خلال الحفل، أشار الدكتور مكي إلى التحديات التي تواجه القطاع العام اللبناني، قائلاً، "في لحظة يشهد فيها القطاع العام في لبنان شبه انهيار كامل—تتجلى في فجوات حادة في القدرات ونقص حاد في الموارد البشرية—يأتي هذا التعاون لتقديم حلول ملموسة وضرورية لتعزيز مؤسساتنا واستعادة ثقة المواطنين."
وأضاف، "من خلال هذا التعاون، سنعمل مع الجامعة الأميركية في بيروت وشركائنا على إطلاق منصة تربط بين الاحتياجات المتغيرة للمؤسسات العامة والخبرة الأكاديمية والدعم الطلابي الذي توفره الجامعة الأميركية في بيروت." وأوضح أن "هذه المنصة ستوفر وصولاً سريعاً إلى معرفة متخصصة من شانها أن تعزز قدرات الإدارات العامة. كما ستُشكّل مساحة للتفاعل بين الطلاب وأعضاء الهيئة التعليمية من جهة، وواقع صناعة السياسات وجهود الإصلاح المؤسسي من جهة أخرى."
ويرتكز هذا التعاون على نقاط القوّة الفريدة التي تتمتّع بها الجامعة الأميركية في بيروت لتطوير واختبار حلول مبتكرة تدعم عملية تحول القطاع العام في لبنان؛ وتصميم وتنفيذ فرص تعلّم تطبيقي، مثل التدريبات العملية والمشاريع الطلابية، التي تمكّن طلاب الجامعة من التفاعل مع تحديات السياسات الواقعية؛ فضلًا عن تقديم الدعم الاستشاري والفني في مجالات الإصلاح الإداري وتحسين الخدمات العامة. كما ويشمل أيضاً تنفيذ برامج تدريبية متخصصة لتعزيز كفاءات القطاع العام في مجالات الابتكار الرقمي، ومحو الأمية الرقمية، والبيانات، والعلوم السلوكية، والتشارك في صناعة السياسات؛ بالإضافة إلى دعم الحوار الشامل ومشاركة أصحاب المصلحة بهدف تعزيز الشفافية والمساءلة وبناء الثقة العامة.
من جانبه، أكد الدكتور خوري
التزام الجامعة الكامل بهذا التعاون، مشدداً على أن الجامعة مستعدة للعمل "بطريقة قائمة على البيانات" و"من دون أي حدود لما يمكن أن نساهم به من جهة طلابنا وأعضاء هيئة التدريس والموظفين والإداريين، بل وحتى من خريجينا المميزين حيث أمكن." وأضاف، "نعتقد أننا قادرون على المساهمة بشكل فعّال في إعادة بناء دولة أكثر استدامة وعدلاً."
كما شدد خوري على الحاجة إلى التعاون بين مختلف القطاعات، قائلاً، "هناك إدراك واسع بأن القطاع الخاص، والمؤسسات الأكاديمية، والقطاع العام، يجب أن يجتمعوا على طاولة واحدة. وحتى لو ارتفعت الأصوات، لا بد من حوار صادق حول ما يمكن إنجازه بأسرع وأكثر الطرق كفاءة، ولكن أيضاً بأكثر قدر ممكن من الاستدامة، من أجل إعادة بناء مؤسسات الدولة."
وقد وضعت الجامعة استراتيجية منظمة للتفاعل مع المبادرات الأربعة الرئيسية التي تم تحديدها في
النقاش مع الوزير مكي، بحيث تتولى الجهات الجامعية ذات الصلة قيادة كل مبادرة بما يضمن توافقها مع احتياجات القطاع العام وتحقيق أثر ملموس.
ستعمل المنصة الرقمية للتفاعل الأكاديمي كجهة تنسيق مركزية لتسهيل الربط بين خبراء الجامعة والمؤسسات العامة من أجل تعزيز التعاون المستند إلى الأدلة. أما مختبر العلوم السلوكية والابتكار، فسيجمع مساهمات متعددة من كليات ومراكز الجامعة، من بينها مبادرة الممارسة والسياسات التجارية في كلية سليمان العليان لإدارة الأعمال، ومركز التصميم التشاركي في كلية مارون سمعان للهندسة والعمارة، ومركز ممارسة الصحة العامة في كلية العلوم الصحية، ومشروع تمام في كلية الآداب والعلوم.
ولتلبية احتياجات التحول الرقمي في الإدارات العامة، سيتم تشكيل فريق عمل جامعي لتأسيس أكاديمية التحول الرقمي بالتعاون مع الكليات والوحدات التقنية ذات الصلة. كما ستقوم الجامعة بتقديم الدعم اللازم في برنامج "إعادة تصور الدولة"، عبر مرصد الحوكمة والمواطنة، ومعهد الأصفــري للمجتمــع المدنــي والمواطنــة، ومعهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية، وقسم الدراسات السياسية والإدارة العامة، حيث ستعمل هذه الجهات بشكل جماعي على المساهمة في عملية دفع تحول القطاع العام وإصلاح الحوكمة.
من خلال توحيد الجهود، تسعى وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية، ومكتب وكيل الشؤون الأكاديمية ومنصة المشورة للجهات الحكومية في الجامعة الأميركية في بيروت، إلى تمكين الجيل القادم من
القادة في القطاع العام، وتعزيز مرونة المؤسسات، والمشاركة في تطوير حلول تعكس تطلعات لبنان نحو حوكمة فعّالة وعادلة.