إستقبل مفتي الجمهورية
اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، الرئيس فؤاد السنيورة، يرافقه الوزراء السابقين احمد
فتفت وخالد قباني وحسن منيمنة والأمين العام للجنة الوطنية للحوار الإسلامي المسيحي محمد السماك.
السنيورة
بعد اللقاء قال السنيورة: "كانت مناسبة طيبة أن نتشرف اليوم بزيارة سماحته، حيث تداولنا بمختلف
القضايا التي تهم المسلمين واللبنانيين. أود بداية أن أذكر ببعض المقاطع الهامة من بعض المراجع الوطنية الأساسية، ومنها ما جاء في لقاء دار الفتوى الذي انعقد بتاريخ 22/09/1983، بحضور أصحاب السماحة الشهيدين المفتي حسن خالد والقاضي حليم تقي الدين، والراحل الإمام محمد مهدي شمس الدين، والذي صدر على أثره بيان ثوابت الموقف الإسلامي، والذي مازلنا متمسكين بكل كلمة منه".
اضاف: "أولا،
لبنان وطن نهائي بحدوده الحاضرة المعترف بها دوليا، سيدا حرا مستقلا عربيا في انتمائه وواقعه، منفتحا على العالم وهو لجميع أبنائه، له عليهم واجب الولاء الكامل ولهم عليه حق الرعاية الكاملة والمساواة. ثانيا، لبنان
جمهورية ديموقراطية برلمانية تقوم على احترام الحريات العامة وضمانها وعلى مبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين جميع اللبنانيين دون تمييز. خامسا: التمسك بلبنان متلازم مع التمسك بوحدته الكاملة غير المنقوصة أرضا وشعبا ومؤسسات".
وذكر السنيورة بما جاء في مقدمة الدستور اللبناني، فقال:
"أ- لبنان وطن سيد حر مستقل، وطن نهائي لجميع أبنائه، واحد ارضا وشعبا ومؤسسات في حدوده المنصوص عنها في هذا الدستور والمعترف بها دوليا.
ب- لبنان عربي الهوية والانتماء، وهو عضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية وملتزم مواثيقها كما عضو مؤسس وعامل في منظمة الامم المتحدة وملتزم مواثيقها والاعلان العالمي لحقوق الانسان. وتجسد الدولة هذه المبادئ في جميع الحقول والمجالات دون استثناء.
ط- ارض لبنان ارض واحدة لكل اللبنانيين. فلكل لبناني الحق في الإقامة على اي جزء منها والتمتع به في ظل سيادة القانون، فلا فرز للشعب على أساس اي انتماء كان، ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين".
كما ذكر بما جاء في المادة الأولى من الدستور، فقال: "لبنان دولة مستقلة ذات وحدة لا تتجزأ وسيادة تامة. أما حدوده فهي التي تحده حاليا".
كذلك ذكر بما جاء في بيان الثوابت الإسلامية الوطنية الذي أصدره المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى بحضور رؤساء الحكومة الحاليين والسابقين بتاريخ 10/02/2011، فقال:
"إن الثابت لدينا في الأمر الدستوري هو تنفيذ الدستور الحالي بنصه وروحه، وتطبيق نصوصه كاملة من دون انتقاص أو انتقاء.
لقد كان العيش الوطني الواحد وما يزال هو القاعدة التي قام عليها لبنان واستمر رغم كل الصعوبات الداخلية والخارجية. وأساس ذلك العيش، الشراكة الكاملة على أساس المناصفة في التمثيل السياسي، والمشاركة في بناء المؤسسات، بين المسيحيين والمسلمين.
لقد تعاهد المسلمون والمسيحيون فيما بينهم على شراكة عمل وطني، في بناء الدولة المدنية، دولة العيش المشترك، ودولة المواطنة والمساواة وحكم القانون، وعدم تأجيل ذلك أو تعليقه.
إنها دولة الهوية والانتماء العربيين والوطن النهائي للبنانيين جميعا، كما أقر في دستور الطائف. وهم يعتبرون هذا الانتماء التزاما مبدئيا وعلى أساسه كان العمل مع شركائهم في الوطن".
وتابع: "لقد أردت أن أستشهد بهذه المقاطع الأساسية الوطنية، لأعود وأشدد من هذه الدار على ما يتمسك به اللبنانيون، مسلمين ومسيحيين باستقلال لبنان وسيادته، واستقلاله وحرياته وسلطة دولته الواحدة والحصرية على كامل أراضيه ومرافقه من دون أي انتقاص أو تجزئة. ولأعبر أيضا عن إدانتنا ورفضنا الكامل للتسريبات والإيحاءات والتهويلات والتهديدات بشأن سلخ مناطق من لبنان أو للمس بوحدة لبنان أرضا وشعبا ومؤسسات على كامل أرضه المحددة في الدستور، أو للإجهاز عليه كدولة سيدة حرة ومستقلة وضمه إلى دولة أخرى، وهي تسريبات لا أساس لها، وهدفها إيقاع الفتنة بين اللبنانيين ومع أشقائهم السوريين، والتي يستعملها البعض لتبرير الاستمرار في الحد من سلطة الدولة اللبنانية ولحصرية السلاح لديها. وهو ما يعني الإبقاء على ازدواجية السلطة في لبنان، بما يحول دون استعادة حيوية الاقتصاد الوطني وازدهاره، وما يحول أيضا دون إعادة إعمار المناطق التي دمرها العدو
الإسرائيلي".
واردف: "لقد اشتدت معاناة اللبنانيين خلال الأشهر الماضية، بحيث بات الوضع شديد الدقة والخطورة، ويتطلب إدراكا من الجميع بضرورة العودة إلى
التزام القواعد الأساسية التي قام عليها لبنان. وهذا ما يدفعني للتأكيد من جديد المواقف التي يتمسك بها المسلمون كما والكثرة الكاثرة من اللبنانيين. وهو ما أريد أن أسلط الضوء عليه.
أولا، إننا نستنكر وندين الاعتداءات
الإسرائيلية المستمرة على لبنان وسيادته وأمن وسلامة اللبنانيين في الجنوب اللبناني وفي مختلف المناطق اللبنانية. كما وأننا نشجب وندين الجرائم والفظائع التي ترتكبها آلة حكومة الحرب الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني والأبرياء في غزة والضفة الغربية. ولذلك، فإننا نهيب بالمجتمعين العربي والدولي والدول الصديقة المسارعة لإعلاء الصوت لوقف هذه المجازر وأعمال العقاب الجماعي والإبادة الجماعية التي تستمر
إسرائيل في ارتكابها. كما نعبر عن إدانتنا وشجبنا للتغول الذي تمارسه إسرائيل في اعتداءاتها العسكرية والتي تقصد منه التمهيد لفرض إرادتها وهيمنتها على منطقة ودول
الشرق الأوسط. إن إحباط هذا المخطط الإسرائيلي يستدعي تضامنا عربيا واسعا، ومع الدول الصديقة في العالم للعمل سوية لتوقف إسرائيل إطلاق النار والانسحاب من المناطق المحتلة، وبالتالي لكي تكون منطقة الشرق الأوسط منطقة ازدهار وتعاون وسلام، تحفظ فيها كامل الحقوق لدوله ولشعوبه، لا أن يستمر منطقة تسلط وحروب ودمار.
ثانيا، إننا إذ نشدد على سيادة واستقلال وحرية لبنان، فإننا أيضا نشدد على أهمية حفاظ اللبنانيين على وحدتهم الداخلية وتضامنهم، وعلى ضرورة عودتهم جميعا إلى كنف الدولة اللبنانية لشروط الدولة، وإلى سلطتها الواحدة والموحدة والحصرية دون أي منازع وعلى كامل التراب اللبناني. كما وعلى ضرورة إقرار الجميع بالخضوع إلى أحكام الدستور ودولة الحق والقانون والنظام والمؤسسات، والاحترام الكامل لقرارات الشرعيتين العربية والدولية ذات الصلة.
ثالثا، لقد تطرقنا ايضا في حديثنا مع سماحة المفتي إلى ما حصل من أمور بالغة الأهمية لدى الشقيقة
سوريا، وحيث أنه من المفيد أن أذكر أن أول تهنئة لانتفاضة الشعب السوري صدرت من هذه الدار بعد اجتماع ضم سماحته مع الرؤساء ميقاتي السنيورة سلام صبيحة يوم الثامن من شهر كانون الأول 2024. وامتدادا لذلك الموقف الوطني، فإننا نعبر اليوم، ومن هذه الدار عن دعمنا للشعب السوري الشقيق، متمنين له الخير العميم في مسيرته لإعادة بناء دولته، سياسيا واقتصاديا، ولإعادة بناء سوريا الجديدة على قاعدة دولة القانون والعدل والتقدم. كما نعبر عن تأييدنا لكل ما يعزز وحدة سوريا وسلمها الأهلي، ووحدة وسلامة كامل أراضيها، وسيادتها واستقرارها وأمن مواطنيها على قواعد المواطنة في حكم مدني ديموقراطي يستوعب ويحتضن كل مكونات الشعب السوري.
كما نؤكد من هذه الدار اليوم، دعم جهود الحكومة اللبنانية في تكثيف تواصلها مع الحكومة
السورية، لبحث وبت مختلف المسائل والقضايا التي تعزز العلاقة التاريخية التي تربط بين البلدين والشعبين الشقيقين على قواعد تنمية المصالح المشتركة وقواعد الاحترام المتبادل والتكامل بينهما والعلاقات الندية والمتكافئة بين البلدين.
رابعا، كذلك، فقد تطرقنا مع سماحته إلى ما يجري تسريبه من طروحات تهدف إلى الضغط على لبنان لابتزازه في مسائل لا يمكن السير بها او الموافقة عليها. إنه، وبسبب طبيعة تكوين لبنان الفسيفسائي وتنوع مكوناته الحية، وأيضا انطلاقا من سياساته المستقرة على مدى عقود، فإن لبنان لا يستطيع ولا يحتمل أو يتحمل على الإطلاق أن يدخل في مفاوضات مباشرة أو البدء في عملية تطبيع مع إسرائيل. ذلك لأن هذا الأمر يفترض وقبل أي شيء آخر، تحقق ثلاثة شروط أساسية: الأول أن يتحقق أمر نيل الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة، على أساس حل الدولتين التزاما بالمبادرة العربية للسلام التي أكدت عليها قرارات القمة العربية التي عقدت في
بيروت عام 2002. والثاني، بأن يكون لبنان آخر دولة عربية تدخل في مفاوضات دبلوماسية مع إسرائيل. وثالثا، عودة اللاجئين
الفلسطينيين المقيمين في لبنان إلى ديارهم".
وشدد السنيورة على أن "لبنان كان ولا يزال ملتزما اتفاقية الهدنة المعقودة في العام 1949، وضمن حدوده المعترف بها دوليا والمثبتة منذ العام 1923، وانه ملتزم ايضا بالتفاهم الذي تم التوصل اليه لتنفيذ القرار 1701، ولا مصلحة له في الدخول في أي أمر إضافي، وبالتالي لا ضرورة للتورط في أية طروحات أو أفكار جديدة في هذا الصدد".