Advertisement

لبنان

هل يفجّر ملف الموقوفين السوريين العلاقة بين بيروت ودمشق؟

حسين خليفة - Houssein Khalifa

|
Lebanon 24
14-07-2025 | 11:00
A-
A+
Doc-P-1390996-638880834463152343.jpg
Doc-P-1390996-638880834463152343.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
مع تصاعد السجال اللبناني الداخلي بشأن اللاجئين السوريين، وما إذا كانت شروط عودتهم إلى سوريا قد نضجت بعد التطورات التي شهدتها بلاد الشام في الأشهر القليلة الماضية، يبرز ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية كعامل ضغط جديد في العلاقة مع السلطة السورية الجديدة في دمشق، يُهدّد ليس فقط بإرباك الحوار السياسي القائم، بل بإشعال توتر متزايد على الحدود، وداخل البيئة اللبنانية المنقسمة أصلًا حول هذا الملف.
Advertisement
 
وقد تصدّر هذا الملف الاهتمامات في كل من لبنان وسوريا في الأيام القليلة الماضية، بعد تداول معلومات صحافية عن نيّة السلطات في دمشق اتخاذ إجراءات تصعيدية ضدّ لبنان في حال عدم إحراز تقدّم في المعالجة، تصل إلى حد إقفال المعابر الحدودية بين البلدين بسبب عدم تسليم الموقوفين، قبل أن تنفي الحكومة السورية مثل هذا التوجّه، وتؤكّد في الوقت نفسه ضرورة معالجة ملف الموقوفين السوريين في أسرع وقت، من خلال القنوات الرسمية بين البلدين.
 
وتتحدّث تقديرات أمنية عن أكثر من 2000 سوري موقوف في لبنان، بينهم مئات بلا محاكمات أو أحكام نهائية، يتوزّعون على سجون رسمية وأماكن احتجاز موقّتة. علمًا أنّ الموقوفين السوريين يشكّلون حوالى 30 بالمئة من عدد السجناء في لبنان. فهل يكون فتح النقاش حول هذا الملف نتيجة تحرّكات دبلوماسية سورية واحتجاجات عند الحدود لصالح معالجة جدّية ومسؤولة، أم يتحوّل إلى لغم قد يُطيح بالعلاقات اللبنانية-السورية برمّتها؟
 
بين الموقفين السوري واللبناني
 
بالنسبة إلى السلطات في سوريا، فإنّ ملف الموقوفين السوريين في لبنان يحتاج إلى علاج فوري وجذري، أولًا بسبب الخلفيات السياسية الكامنة خلف كثير من التوقيفات، وثانيًا لأنّ عددًا من السوريين معتقلون منذ أكثر من سبع سنوات، لا يزالون بلا أحكام قضائية، وهو ما تعتبره دمشق "انتهاكًا لحقوقهم كمواطنين". ويشير المطّلعون على الموقف السوري إلى أنّ الرئيس أحمد الشرع فتح الملف مع كلّ المسؤولين اللبنانيين الذين زاروا دمشق مؤخرًا، لكنّه لم يلقَ أيّ جواب.
 
في المقابل، تتريّث السلطات اللبنانية أمام الضغط الذي تمارسه سوريا في هذا الملف، مستندة إلى معوّقات قانونية داخلية وخارجية. فترحيل الموقوفين، حتى لو كانت عليهم أحكام، يتطلّب مسارًا قضائيًا واضحًا وقرارات تنفيذية من النيابة العامة، علمًا أنّ اتفاقًا قضائيًا بين البلدين يعود إلى العام 1951، ينصّ على أن يكون تسليم السجناء فرديًا لا جماعيًا، عبر بحث كل ملف على حدة.
 
وما يعقّد المشهد أكثر هو المخاوف الأمنية اللبنانية، إذ إنّ عددًا من الموقوفين متّهمون بالمشاركة في اشتباكات ضدّ الجيش اللبناني، بل بقتل عدد من عناصره، ما يصعّب إمكانية ترحيلهم ببساطة، في حين تشتبه الأجهزة المعنية بأن بعض الموقوفين لا يزالون على ارتباط بتنظيمات متطرّفة، أو يشكّلون جزءًا من خلايا نائمة كانت تتوارى خلال سنوات الحرب السورية. وهذا ما يجعل الملف أكثر من مجرد قضية قانونية، بل قضية أمنية-سياسية بامتياز.
 
اتصالات سياسية ومساعٍ للمعالجة
 
عاد ملف الموقوفين السوريين إلى صدارة المشهد في الأيام الأخيرة، في ضوء التقرير الذي نشره "تلفزيون سوريا"، والذي لا يُعتقَد أنّه جاء من فراغ، حتى لو نفت الحكومة السورية مضمونه في وقت لاحق، حيث تحدّث عن استياء شديد عبّر عنه الشرع من تلكّؤ السلطات اللبنانية في معالجة هذا الملف، مشيرًا إلى أنّ هذا التجاهل المتكرّر من بيروت لم يعد مقبولاً، وملوّحًا بإجراءات سياسية واقتصادية قاسية ضدّ لبنان، بينها فرض قيود على حركة الشاحنات اللبنانية العابرة للأراضي السورية، وإقفال بعض المعابر البرّية.
 
وعلى الرغم من النفي الرسمي، تحدّثت بعض المعطيات عن رسائل سورية وصلت بالفعل إلى الجانب اللبناني الرسمي، مفادها أنّ التعاون بين البلدين لا يمكن أن يبقى انتقائيًا، وأنّ التباطؤ في معالجة ملف الموقوفين قد يؤثّر على الملفات الأخرى العالقة، لا سيّما معابر الترانزيت واستئناف اتفاقيات إعادة الإعمار. لكن الرسائل السورية، رغم ما فيها من ضغط، حملت في طيّاتها أيضًا استعدادًا للتفاهم، شرط أن "يخرج الملف من الحسابات السياسية الضيّقة"، ويُعالج ضمن إطار قانوني وحقوقي متكامل، بإشراف مشترك.
 
وفي مطلق الأحوال، وسواء صحّت هذه المعلومات أم لا، فإنّ الأكيد أنّ التقارير الصحافية نجحت في "تحريك" الملف من جديد، حيث رُصِدت في الأيام الأخيرة اتصالات سياسية على أعلى المستويات، ومساعٍ للاحتواء والمعالجة. علمًا أنّ المسؤولين في لبنان يترقّبون زيارة يفترض أن يقوم بها وفد رسمي سوري برئاسة وزير الخارجية أسعد الشيباني، وهي زيارة تأخّرت عن أوانها كثيرًا، ربما لرغبة السلطات السورية في ضمان نجاحها.
 
لا يبدو ملف الموقوفين السوريين مجرد مسألة أمنية أو خلاف دبلوماسي، بل هو عقدة قانونية تُثقلها السياسة. فالتردد اللبناني لا ينبع فقط من حسابات داخلية أو تجاذبات إقليمية، بل من منظومة قانونية وقضائية لا تسمح بترحيل الموقوفين جماعيًا، ومن دون مسار واضح. ومع أن السياسة تحاول التسلل إلى الملف، فإن الحسم لا يمكن أن يتم خارج إطار المؤسسات القضائية. فصحيح أنّ الملف لم يعد يحتمل التأجيل، لكنه في المقابل لا يحتمل الاستسهال. وفي المسافة بين الاثنين، تختبر الدولة قدرتها على التصرّف كدولة، لا كساحة.
 
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك

حسين خليفة - Houssein Khalifa