اظهرت "الإطلالة" الأولى للموفد الأميركي الجديد إلى لبنان توماس برّاك المتحدر من أصول زحلاوية لبنانية، ان الموقف المبدئي والعملي الأساسي ظل كما هو ولم يتبدل،على رغم تبدّل الموفد واختلاف المقاربة الشخصية، وعلم انه سيعود الى بيروت بعد ثلاثة اسابيع.
وذكرت «الأخبار» أنّ باراك «أبلغ الرؤساء أنّ تعيين خليفةٍ لأورتاغوس لن يكون قريباً وأنه سيحصل في الخريف المُقبل، وأنه سيتابع في هذه المدّة الملف اللبناني ربطاً بالملف السوري، بصفته المبعوث الخاص إلى سوريا».
بينما ركّز هؤلاء في كلامهم معه على «ضرورة استمرار الجهود الأميركيّة لإلزام إسرائيل بالوفاء بالتزاماتها، خصوصاً لجهة الانسحاب من الأراضي اللّبنانيّة المحتلة، ما يتيح استقراراً يسمح للبنان بالشروع في إعادة الإعمار»، من دون أن يقدّم الرجل وعوداً في هذا الإطار، كما لم يعطِ أي ضمانات على عدم قيام إسرائيل بعدوان جديد في ظل الحديث عن تحضيرات لتنفيذ عملية استباقية ضد
حزب الله.
وبينما ركّز الرؤساء الثلاثة الذين التقاهم على تصدير جو إيجابي عن المحادثات السريعة التي قام بها في بيروت، إلا أنّ جولته هذه لم تترك أثراً مريحاً، بل مخاوف عند البعض من إمكانية أن يكون لبنان عرضة للخديعة مجدّداً، كما كان يحصل حين كانَ هوكشتاين يتولّى الملف اللبناني، مستذكراً التصعيد الذي كان يحصل بعد كل جولة»، حتى إنّ البعض وصف أسلوبه بالـ «الهدوء الملغوم»!
أضافت:قدّم الرجل نفسه بوصفه «الرجل الهادئ». لكن الاهتمام بالشكل، لا يلغي حقيقة المهمّة التي جاء فيها بارام، إذ إنه وفي في المضمون، كرّر باراك حرفياً ما سبقَ وأن قالته أورتاغوس عن ملف سلاح حزب الله والإصلاحات. طبعاً، مع إضافة تتعلّق بالتطورات الناجمة عن العدوان
الإسرائيلي على إيران، والخشية من عودة الحرب إلى جبهة لبنان مع كيان الاحتلال.
وقالت مصادر مطّلعة على جانب من لقاءات باراك، إنّ «النقطة المتصلة بالتطورات الأخيرة، أي الحرب المشتعلة بين إيران والعدو الإسرائيلي، كانت محلّ نقاش مع الرؤساء الثلاثة» جوزيف عون ونبيه بري ونواف سلام.
لكنّ الرجل، استفاض في الحديث عنه مع رئيس مجلس النواب، وهو خاطبه بأنه «يمثّل وجهة نظر حزب الله أيضاً». وسمع منه موقفاً حاسماً كما نقله زوّار عين التينة :«لبنان ليس في وارد الدخول في حرب مع إسرائيل».
وبحسب المصادر، فإنه يمكن اختصار زيارة المسؤول الأميركي في عنوانين: ضرورة حصر السلاح في يد الدولة، لأنّ هذا الأمر هو المدخل الوحيد لحلّ كل الملفات الأخرى، وضرورة تحييد لبنان الحرب الإقليمية، مؤكّداً أنّ «تدخّل حزب الله في الحرب الإيرانية -الإسرائيلية، سيكون قراراً سيئاً للغاية».
وكتبت" النهار": بدا لافتاً أن أوساط الرؤساء الثلاثة أجمعوا على إبداء ارتياحهم إلى الموفد الجديد، من منطلق أنه أظهر تفهماً كبيراً لجوهر الوضع الحالي في لبنان وأظهر اهتمام إدارة الرئيس دونالد ترامب بعدم تهميش الوضع اللبناني تحت وطأة تداعيات الحرب الإسرائيلية- الإيرانية، ولكن من دون أي تراجع وتهاون في الدفع نحو تنفيذ التزامات لبنان بنزع سلاح "حزب الله" وتحذير الأخير بل ردعه عن توريط لبنان في استدراج رد إسرائيلي مدمّر عليه إذا أقدم مجدداً على "إسناد" إيران. ومع أن مهمة برّاك تبدو موقتة إلى أن يتم تعيين موفد ثابت آخر، فإن الأوساط
اللبنانية المعنية أبدت ارتياحها إلى امتلاك برّاك معلومات ومعرفة واسعة بكل زوايا التأثيرات الإقليمية على لبنان انطلاقاً من موقعه كسفير لبلاده في تركيا وموفداً إلى كل من
سوريا ولبنان، الأمر الذي قد يوفّر له ولو بصفته الموقتة الحالية الدفع بزخم نحو مقاربات لإنجاز تصوّر أميركي خاص بالوضع في لبنان يكمل أو يعدّل ما كانت أورتاغوس تزمع المضي به قبل تبديل مهمتها. ولذا من غير المستبعد بعد جلاء غبار الحرب الإسرائيلية- الإيرانية وما يمكن أن تقوم به
الولايات المتحدة حيالها انخراطاً في الحرب أو في الخيار الديبلوماسي، أن يعود برّاك إلى بيروت ثانية في زيارة تحمل أطراً تنفيذية لملف الحدود والوضع مع إسرائيل وسوريا، إذ أنه يطرح التصورات من زاوية معالجات شاملة لواقع لبنان مع جيرانه، علماً أنه طرح بعض الافكار أمام الرؤساء الثلاثة بما فهم أنه يزمع إكمال مهمته.
وقد أفادت مصادر قصر بعبدا، أنّ برّاك أبلغ رئيس الجمهورية جوزف عون توليّه الملف اللبناني موقتًا ريثما يتم تعيين موفد أصيل، وطالب بالإسراع في ملف سلاح "حزب الله" من دون تحديد مهلة لذلك، وأن الجانب اللبناني طالب بالانسحاب من المناطق التي لا تزال تحتلها إسرائيل وبوقف الخروقات وإطلاق الأسرى. وأشارت إلى عودة الحديث إلى مبدأ خطوة في مقابل خطوة، أي أن تنفذ إسرائيل خطوة يقابلها لبنان بخطوة في موضوع السلاح. وطالب برّاك الجانب اللبناني بالمزيد من التنسيق مع الجانب السوري في موضوع الحدود وترسيمها. وأكد الرئيس عون للموفد الأميركي، أن لبنان يتطلع إلى دعم الولايات المتحدة الأميركية في ما يقوم به لإعادة النهوض على مختلف المستويات، وفي مقدمة ذلك تثبيت الأمن والاستقرار في الجنوب من خلال انسحاب القوات
الإسرائيلية من التلال الخمس التي تحتلها ووقف الاعمال العدائية والتمديد للقوات الدولية في الجنوب "اليونيفيل" التي تعمل بالتنسيق مع الجيش
اللبناني على تطبيق القرار 1701 وصولاً إلى الانتشار حتى الحدود المعترف بها دولياً، مؤكداً أن لبنان قرر زيادة عديد الجيش في جنوب الليطاني حتى عشرة آلاف جندي. وتطرّق البحث أيضاً إلى الخطوات التي يتخذها لبنان تحقيقاً لمبدأ حصرية السلاح، فأكد عون أن الاتصالات قائمة في هذا المجال، على الصعيدين اللبناني والفلسطيني، معرباً عن أمله في أن تتكثف بعد استقرار الوضع الذي اضطرب في المنطقة نتيجة احتدام الصراع الإسرائيلي- الإيراني.
وتناول عون والموفد الأميركي العلاقات اللبنانية-
السورية، فأكد رئيس الجمهورية وجود شقين في هذا الإطار، الأول يتعلق بموقف لبنان الداعي إلى عودة النازحين السوريين إلى بلادهم بعد زوال أسباب نزوحهم، والشق الثاني، يتناول العلاقات الثنائية حيث يتطلع لبنان إلى تفعيلها لا سيما لجهة المحافظة على الهدوء والاستقرار على الحدود اللبنانية- السورية من جهة، وترسيم الحدود البحرية والبرية بما فيها مزارع شبعا.
وفي عين التينة، كرّر رئيس مجلس النواب نبيه بري أهمية حضور ودور قوات اليونيفيل والتمديد لها، وشدد على الجهد الأميركي لإلزام إسرائيل بضرورة الوفاء بإلتزاماتها بتطبيق بنود القرار 1701 والانسحاب الفوري من الأراضي اللبنانية المحتلة ووقف الخروقات كمدخل أساسي لكي ينعم لبنان بالاستقرار ويشرع بورشة إعادة الإعمار.
وتلا الموفد الأميركي بعد لقائه بري، بياناً معداً ومقتضباً قال فيه: "يشرفني أن أعود إلى جذور بداياتي والسبب الوحيد لوجودي هنا هو هذا الالتقاء بين الحمض النووي اللبناني الجميل الذي وُهِبتُ منه بالصدفة والحرية الأميركية. وإن إلتقاء هذين العنصرين هو مستقبل وأمل للبنان، ورئيسي اليوم يبعث برسالة في خضم أزمة عالمية وفوضى ربما هو أمر مُربك للجميع، فلبنان كان منارةً ساطعةً للتسامح، وتقاطع الأديان، وتقاطع الثقافات، وتقاطع وجهات النظر المختلفة". وأضاف: "نحن نؤمن أنه بقيادتكم ومع التجديد في هذه اللحظة، يمكن للسلام والازدهار أن ينطلقا من جديد وجيلكم هو من يحتاج إلى إيجادهما، لذا نحن هنا ملتزمون بالمساعدة، نحن معجبون بالإدارة وبالشعب اللبناني. لذا ما يجمعنا جميعًا هو الأمل، وأن الفوضى ستهدأ قريبًا، ومن ذلك سيزهر السلام والازدهار في هذه الصحراء التي يحملها اللبنانيون إلى جميع أنحاء العالم. في كل مكان زرته في العالم هناك لبنانيون صنعوا من الصحراء واحة والآن علينا أن نفعل ذلك".
وسئل عن الموقف من الإعتداءات الإسرائيلية على لبنان وكيفية حلها؟ فأجاب: "حسنًا، لو كان بإمكاني تقديم حل لكم في دقيقتين لما كنت هنا".
وسئل ماذا لو تدخل "حزب الله" في الحرب القائمة بين إسرائيل وإيران؟ فأجاب: "علينا أن نناقش الأمر، لكن أستطيع أن أقول نيابةً عن الرئيس ترامب وهو كان واضحًا جدًا في التعبير عنه، إن ذلك سيكون قراراً سيئًا للغاية".
اما في السرايا، فأكد رئيس الحكومة نواف سلام بدوره للموفد الأميركي تمسّك لبنان بخيار الأمن والاستقرار ورفض الانجرار إلى الحرب الدائرة في الإقليم. وأكد أن الحكومة اللبنانية عازمة على مواصلة تنفيذ خطتها الإصلاحية، وعلى بسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها. كما شدّد على أهمية دور اليونيفيل واستمراره لضمان تطبيق القرار 1701، وطالب بمساعدة لبنان في الضغط على إسرائيل من أجل انسحابها الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة. وأطلع المبعوث الأميركي على الخطوات التي قامت بها الحكومة، والتنسيق المستمر مع الجانب السوري لمعالجة الملفات العالقة، وعلى رأسها ضبط الحدود بين البلدين، تمهيدًا للوصول إلى ترسيم الحدود.
وأفادت معلومات أن برّاك زار الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قبيل زيارته للسرايا.
ووصف مصدر مطلع لـ «اللواء» ما جرى بأن مهمة باراك هي مهمة حدودية سواءٌ في الجنوب أو الشرق والشمال لجهة ضبط الوضع، والتقدم خطوات باتجاه انهاء ملف نزع السلاح غير الشرعي، سواءٌ أكان لبنانياً أو غير لبناني.
وعلم من مصادر رسمية واكبت جولة باراك، انه خلافاً للاجواء التي تم تسريبها قبل زيارته بأنه سيحمل انذارات وتهديدات ومهل زمنية للبنان لإنجاز المطلوب منه، لا سيما على صعيد سلاح حزب لله، فإن الرجل كان مستفسراً ومستمعاً بهدوء، عن الاولويات التي تهم لبنان،واكد ان الرئيس ترامب مهتم بتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة، مشيراً في هذا المجال الى ضرورة ان تكون العلاقات مستقرة وسليمة بين الدول المتجاورة لا سيما في حالة لبنان وسوريا وتركيا. وهنا سأل اين وصلت العلاقات بين لبنان وسوريا، واستفسر باراك ايضا عمّا قطعه لبنان على صعد الاصلاحات الادارية والمالية والاقتصادية وتحقيق حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية؟.
وحسب المعلومات فإن الرئيس عون شرح للموفد
الاميركي بالتفصيل ان اولويات لبنان هي انسحاب الاحتلال الاسرائيلي من النقاط التي ما زال يحتلها في الجنوب، وتمكين الجيش من استكمال انتشاره في مناطق الحدود لأن اسرائيل هي التي تؤخر الانتشار الكامل. اما بشأن حصرية السلاح فإن الأمور كانت سائرة نحو الحل بالحوار مع حزب لله ومع الفلسطينيين لا سيما السلاح الفلسطيني في المخيمات، لكن الحرب الايرانية الاسرائيلية لتوقف كل شيء. اما موضوع الاصلاحات فهو قيد التنفيذ تدريجيا وبالتوازي بين الحكومة ومجلس النواب.
وبالنسبة للعلاقة مع سوريا شرحت المصادر انه تم ابلاغ باراك ان الاولوية هي لترسيم وتثبيت الحدود البرية والبحرية بين البلدين بما فيها مزارع شبعا وتلال كفر شوبا المحتلة، ولموضوع عودة النازحين الى بلادهم لأنه لم يعد من مبرر بتاتاً لبقائهم في لبنان بهذه الاعداد.
ووعد باراك بنقل وجهة نظر الجانب اللبناني الى الرئيس ترامب لا سيما لجهة معالجة الانسحاب الاسرائيلي والدعم الاقتصادي واستمرا ر دعم الجيش ليتمكن من انجاز كامل مهامه.
وفي السياق عينه، أوضحت مصادر سياسية مطلعة ان المسؤول الأميركي لم ينقل مواقف شديدة للهجة في خلال لقائه رئيس الجمهورية انما كان مهتما بنقل الموقف الأميركي من الرئيس ترامب لجهة دعم استقرار والجيش والقيام بما يلزم من اجل تعزيز الأستقرار في المنطقة.
واكدت المصادر ان اللقاء بينهما كان ايجابيا وان الرئيس عون اكد اهمية قيام دعم اميركي لقوات اليونيفيل وان الجيش يتعاون مع هذه القوات وانه عزز انتشاره في مناطق الجنوب مكررا القول انه فكك نسبة ٨٥ في المئة من المنشأت المسلحة.
ورأت ان ملف حصرية السلاح والذي تقوم بشأنه إتصالات لن يجمد بفعل الصراع الإسرائيلي- الايراني انما اتت التطورات لتحجب الإهتمام به مع ان الإتصالات بشأنه قائمة.
وفي ملف الاصلاحات، تحدث رئيس الجمهورية عن المراحل التي قطعها ملف الإصلاحات وان هناك قوانين أقرت واخرى لم تقر ومنها موجود في مجلس النواب البعض منها تعده الحكومة.
وعلم انه لدى استفسار المسؤول الأميركي عن إمكانية انخراط حزب لله في الصراع الإسرائيلي- الإيراني فان الجواب أتى ان الحزب لن يدخل في هذا الصراع.
ونقل عن الرئيس بري ارتياحه لاجواء المحادثات مع الموفد الاميركي، واكد بري ان لا عودة للحرب.
ووصف باراك جولته الرئاسية «بالممتازة»، ناصحاً بعدم افساح المجال امام حزب لله للمشاركة، واعتبر ان مشاركة الحزب في الحرب الاسرائيلية - الايرانية سيكون قرارا سيئا للغاية.
كما تطرق الموفد الاميركي الى ملف الحدود الشرقية والشمالية بين لبنان وسوريا.