Advertisement

لبنان

أي سلاح سيُسلّم إلى الدولة قبل الآخَر... الفلسطيني أم اللبناني؟

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
28-05-2025 | 09:01
A-
A+
Doc-P-1366880-638840187862190761.png
Doc-P-1366880-638840187862190761.png photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
قبل أن يكون سلاح "حزب الله" كان السلاح الفلسطيني. وقبل أن تعطي الحكومات المتعاقبة الشرعية لـ "المقاومة الإسلامية"، سواء بصيغة "الشعب والجيش أو المقاومة"، أو "بحق اللبنانيين بالدفاع عن أرضهم"، أو بأي صيغة أخرى، سبق للبنان، وبغفلة من الزمن أن وافق على "اتفاق القاهرة"، الذي أعطى "منظمة التحرير" حق استخدام الأراضي اللبنانية منطلقًا لعملياتها ضد إسرائيل. وهذا "الحقّ" أدى إلى نمو تدريجي للوجود المسلح الفلسطيني، خصوصًا بعد طرد "منظمة التحرير" من الأردن عام 1970 على أثر أحداث ما سمي "أيلول الأسود"، فتحوّل الجنوب اللبناني إلى "فتح لاند"، وبدأ العمل لجعل لبنان "بلدًا بديلًا"، حتى أن أبو أياد تجرّأ على القول خلال الحرب بأن "طريق فلسطين تمرّ بجونية". وهذه الحرب اندلعت في الأساس بين اللبنانيين المسيحيين، الذين رفضوا هذا الواقع الشاذ، وبين الفلسطينيين الذين تمادوا في استفزازاتهم حتى في محيط المخيمات الواقعة في المناطق التي كانت تُعتبر مسيحية في التقسيم الجغرافي كمخيم تل الزعتر ومخيم ضبيه ومخيم الكرنتينا.
Advertisement
ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم مرّت العلاقة بين اللبنانيين والفلسطينيين بمراحل متعرّجة حتى يوم اضطرّ الجيش بقيادة قائد الجيش آنذاك الرئيس العماد ميشال سليمان لشنّ هجوم واسع على مخيم نهر البارد كردّ مباشر على ما كانت تتعرّض له عناصر الجيش من اعتداءات متمادية، وصولًا إلى تحويل المخيمات في عين الحلوة وغيرها من المخيمات الواقعة جنوب خط نهر الليطاني إلى بؤر أمنية وملجأ للفارين من وجه العدالة، مع ما تشكّله الحالات الشاذة داخلها من تهديد مستدام لأمن اللبنانيين في محيط هذه المخيمات.
فموضوع السلاح الفلسطيني الفوضوي في لبنان كان ولا يزال من بين القضايا الشائكة والمعقدة التي أثّرت في شكل كبير على الوضع الداخلي اللبناني منذ أواخر الستينيات وحتى اليوم. ومنذ توقيع "اتفاق القاهرة" بين "منظمة التحرير" الفلسطينية ممثلة بياسر عرفات والحكومة اللبنانية برئاسة اللواء إميل بستاني برعاية مصرية حتى اليوم لا يزال هذا السلاح محل أخذ وردّ بين السلطة اللبنانية وبين المسؤولين الفلسطينيين على مدى سنوات. وقد جاءت الزيارة الأخيرة للرئيس الفلسطيني محمود عباس من ضمن عدّة زيارات سبق له أن قام بها للبنان، ولكنها لم تثمر عن نتائج عملية بالنسبة إلى موضوع تسليم السلاح من داخل المخيمات وخارجها إلى الدولة اللبنانية.
فالمخيمات الفلسطينية تحوّلت خلال الحرب، التي بدأت لبنانية – فلسطينية، إلى قواعد عسكرية ومنصات صراع بين المنظمات المتعدّدة الولاءات. وقد أدّى هذا الصراع على تقاسم النفوذ داخل المخيمات وإلى نشوء منظمات وحركات كانت تموّل من خارج الحدود لأهداف ليس لها أي علاقة بالقضية الفلسطينية المركزية، خصوصًا بعدما حّلّت "منظمة التحرير" على أثر الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، إلى أن جاء اتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب اللبنانية بعدما نصّ صراحة على حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، لكنه استثنى سلاح "المقاومة الإسلامية" في وجه العدو، وسلاح المخيمات الفلسطينية بحجّة ضبط الأمن داخل هذه المخيمات.
فهذا السلاح على تعدّده كان ولا يزال مادة خلافية بين اللبنانيين. وهذا الخلاف أدّى في الماضي إلى انقسام عمودي وأفقي، وهو لا يزال يخضع لتجاذبات، منها ما هو محلي، ومنها ما هو إقليمي، مع ما تشهده المنطقة من تغييرات باتت تحتّم وضع هذا الملف على مشرحة البحث الجدّي، خصوصًا أن لبنان عانى من تفلت هذا السلاح وفوضاه الكثير. وهذا ما انعكس على تراجع في منسوب هيبة الدولة، التي أصبحت بفعل هذا السلاح "أضعف الضعفاء"، الأمر الذي سمح لكثيرين بأن "يستوطوا حيطها". 
فالسلاح الفلسطيني في لبنان تطور من سلاح مقاومة إلى سلاح أزمة داخلية. وبين الواقع الإقليمي المعقد والضعف اللبناني المستمر، لا يبدو أن هذه القضية ستُحّل قريبًا، بل ستبقى المخيمات، وحتى إشعار آخر، بؤرًا أمنية حساسة تحمل احتمالات الانفجار في أي لحظة، ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي شامل يضمن أمن اللاجئين الفلسطينيين وسيادة الدولة في آن.
أمّا بالنسبة إلى سلاح "حزب الله" فإن اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية بوفد من كتلة "الوفاء للمقاومة" برئاسة النائب محمد رعد فيبدو أن مساره سيكون طويلًا، وأن هذا الملف سيوضع في خانة الانتظار حتى تتبلور معالم المرحلة المقبلة، سواء بما له علاقة بمدى التزام إسرائيل بتنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء احتلالها للتلال الخمس، وتاليًا بما يمكن أن تحقّقه المفاوضات غير المباشرة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران من نتائج.
يخلص المراقبون إلى القول بأن هذا المسار الطويل قد بدأ، ولو بخطوات خجولة، وما لقاء بعبدا سوى البداية. ومن هذه البداية يمكن التأسيس لما هو آت، الذي قال عنه الرئيس عون بأنه سيكون أفضل مما سبق. ولكن يبقى سؤال يجب أن يُطرح: أي سلاح سيُسّلم إلى الدولة قبل الآخر، اللبناني أم الفلسطيني؟
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

اندريه قصاص Andre Kassas