كتب عماد مرمل في" الجمهورية": إذا كانت
القوى السياسية تحاول في العلن التركيز فقط على الإنجازات التي حققتها خلال العملية
الانتخابية لضرورات التعبئة الجماهيرية وشدّ العصب، إّلّا أنّ الأكيد أنّها ستهتم بدرس نقاط ضعفها عندما تُجري المراجعة الداخليةللأرقام في الغرف المغلقة، وذلك سعياً إلى معالجتها قبل موعد ا لانتخابات النيابية بعد نحو عام.
والواضح أنّ طبيعة ا لاستحقاق البلدي الذي تتداخل فيه عوامل مركّبة عدة، سمحت لكل طرف بأن يعتبر نفسه منتصراً إلى هذه الدرجة أو تلك، إذ بدا الجميع فائزين، باستثناء «التغييريِّين » الذين تراجعوا في معظم الأماكن بالمقارنة مع الأرقام التي حققوها في الانتخابات النيابية السابقة.
لكن ما تجدر الإشارة إليه هو أنّ حصيلة الاستحقاق البلدي لا يمكن أن تنسحب على الانتخابات النيابية المقبلة، لسبب أساسي يتصل بالفارق الجوهري بين القانون الأكثري
المعتمد بلدياً والقانون النسبي المعتمد نيابياً، وهذا الفارق يسمح على سبيل المثال لِمَن خسر في
الانتخابات البلدية بأن يحصل على مقاعد في «النيابية »، تبعاً لعدد الأصوات التي نالها.
إّلّا أنّ هذه الحقيقة لا تمنع أنّ الاختبار البلدي منح الأحزاب والتيارات السياسية فرصة لمقاربة أحجامها الحالية على الأرض ومحاكاة نبض قواعدها الشعبية، الأمر الذي رفدها ب «داتا » ميدانية ومؤشرات عامة ستفيدها في رسم خياراتها العريضة في الانتخابات النيابية المقبلة.
وبالغوص في التفاصيل يتبيّن الآتي، وفق استنتاجات خبراء انتخابيِّين:
على المستوى المسيحي، استطاع كل من «
التيار الوطني الحر » و «
القوات اللبنانية » تثبيت حضورهما، على أنّ اللافت في هذا الإطار هو تمكن «
التيار » من إثبات وجوده وتكريس موقعه في المعادلتَين
المسيحية والسياسية، بعدما كان خصومه يُروّجون بأنّه بات ضعيفاً ومتآكلاً.
وفي ما خصّ «القوات »، يُشير أحد الخبراء
الانتخابيِّين إلى أنّه صحيح أنّها نالت أرقاماً جيدة ومتقدّمة في عدد من الأماكن، غير أنّ ذلك لا يرقى إلى حدود تحقيق انتصار كاسح أو "تسونامي". وبالانتقال إلى الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، استطاع
الثنائي «
حزب الله » وحركة «أمل » تظهير متانة قوّته الشعبية ومناعتها، على رغم من كل الضغوط التي تتعرّض لها. وعلى صعيد البيئة السنّية، يلفت الخبراء إلى أنّ أصواتها تشتّتت وتوزّعت بين الورثة المفترضين لتيار «
المستقبل » الذي لم ينخرط رسمياً في الانتخابات البلدية، ولو اختلف الأمر نسبياً في
صيدا مع وجود السيدة بهية
الحريري برمزيتها في معادلة المدينة.
أمّا في الجبل، فقد تأكّد مجدّداً أنّ
وليد جنبلاط يبقى الأقوى درزياً، كذلك ترجم
طلال إرسلان وحزبه حضوره في البلدات التي يملك فيها نفوذاً تقليدياً.