أدى
نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الصلاة في مقر المجلس على طريق المطار وألقى خطبة الجمعة.
قال :"هؤلاء الذين لم يتمكن الإيمان من قلوبهم وما اتخذوه دليلاً يسترشدون به في سلوكهم، غير انهم اعتقدوا الحق فلم يشركوا بالله او يكفروا به وسمهم الله بالفاسقين. وفئة اخرى أظهرت الكفر وجحدت بالله تعالى. والاسوأ من هؤلاء جميعاً آخرون اظهروا الايمان وأبطنوا الكفر وسمهم الله بالمنافقين. وهؤلاء أخطر هذه الفئات جميعاً، وتمثّل بهم العدو الداخلي الخفي المطلع على خفايا الأمور – (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) وهم يلعبون بالخفاء دور الطابور الخامس الذي يثير الفتن والتخريب. هذا في المجتمعات القائمة على اساس ديني".
وتابع الخطيب : وفي المجتمعات الوطنية القائمة على أساس التنوع والتعاقد الاجتماعي بينها كما هو الحال الذي يرتب التزامات على كل منها، ومن أهمها الاندماج الوطني لكل المكونات والسيادة الوطنية والدفاع عن حياض الوطن اذا ما تعرض لعدوان خارجي، نرى فيها نفس هذا الخلل. فهي ما بين فئة تفي بالتزاماتها الوطنية، وأخرى تتخذ منه مدخلا موقتا لبلوغ مصالحها الذاتية غير وفية لهذه الالتزامات، اذا ما رأت ان الظروف الخارجية والمتغيرات الحاصلة مؤاتية للتخلص من هذه الالتزامات، لأن مصالحها الذاتية تقتضي ذلك، وربما تآمرت على بعضها الآخر مع عدو خارجي، وهو يعني انه لم يكن هناك
التزام صادق من البداية بهذا التعاقد، بل هو أشبه بالتكاذب للانقلاب على هذا التعاقد عندما تسنح الفرصة وتتهيأ الظروف لذلك".
وأردف :"إن الذي يفرض هذا المنطق وهذا الكلام المؤسف ان المشكلة السياسية الداخلية ليست أمرا عارضا ولا طارئا، وإنما هو مسار مستمر منذ تأسيس هذا الكيان. وكان هذا البلد عرضة للاهتزاز الدائم، ليس كما يقال بسبب انقسامات في الآراء حول علاقات
لبنان الاقليمية العربية والغربية، وارتباطها بالقضية
الفلسطينية، بل بالعقلية الطائفية المتحكمة والتي كشفت الاحداث الجارية في المنطقة عورتها بشكل جلي.
وقال :"إن هذا النزوع الطائفي لدى بعض القوى السياسية لن يجعل لبنان يرسو على برّ آمن، بل يجعله يدور في دوامة دموية لن ينجو منها أحد. فالسلام إما أن يكون للجميع، وإلا فلن يكون سلام لأحد دون أحد.
إنّ الدولة اليوم مُقصّرة تجاه مواطنيها ولا سيما على صعيد تامين الحماية من العدو
الإسرائيلي وكذلك إعادة اعمار ما هدّمته الحرب
الإسرائيلية على لبنان وان هذا التقصير هو من يجعل الدولة غائبة ويدفع المواطنين ومنهم الشيعة للبحث عن خيارات أخرى حول ما تواجهه الطائفة الاسلامية الشيعية من ظلم واهمال وعدم عدالة وخصوصاً عبر منع الاعمار ومنع وصول المساعدات والتضييق على المسافرين والزوار القادمين من
العراق وتركيا وايران، وكذلك المواقف السياسية الحادة التي تطالب بنزع السلاح بالقوة او اللجوء الى العدو الإسرائيلي للعودة الى الحرب او الاستعانة بالسلطة
السورية الجديدة لمواجهة الطائفة الشيعية وتحويل لبنان الى حرب اهلية جديدة.
طبعا هناك تقدير خاص داخل البيئة الشيعية لمواقف رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون لرفضه اللجوء للقوة لنزع السلاح ولدعوته لانهاء الاحتلال الإسرائيلي والاعتداءات الإسرائيلية ودعوته للحوار".
واستطرد الخطيب :لكن هناك علامات استفهام كثيرة حول أداء الحكومة وعدم وضع ملف الاعمار على جدول اعمال
مجلس الوزراء وكذلك رفض التجاوب مع دعوات بعض
الدول العربية والإسلامية والاجنبية لدعم لبنان وخصوصا من العراق. كما نُعبّر مع ابناء المناطق المدمرة عن سخطنا من المناقشات التي جرت في مجلس النواب بشان اعفاء القرى الحدودية والمناطق المدمرة من الرسوم لأن هذا
النقاش يشكل اشارة سلبية تجاه المواطنين وما قدموه من تضحيات".
وجدد الخطيب القول :"إن وحدة الموقف الوطني ستقوي من موقف لبنان أيضاً في القمة العربية في العراق الشقيق الذي يستحق كل الشكر والتقدير على كل مواقفه الداعمة للبنان وشعبه في كل المراحل التي واجه فيها الأزمة الاقتصادية وأزمة النزوح اثناء الحرب العدوانية، وهو اليوم يستحق مزيداً من هذا التقدير على تبنيه صندوق الدعم من أجل لبنان في القمة التي نأمل من إخواننا
القادة العرب الذين نعوّل عليهم بعد الله، على مساندة لبنان في الضغط من أجل إخراج العدو الاسرائيلي من الارض
اللبنانية التي احتلها وإعادة الاسرى وتقديم الدعم من أجل إعادة بناء ما دمّره العدو في كل المناطق اللبنانية".
وتمنى الخطيب "ان تُحقّق هذه القمة ما تتطلع اليه الشعوب العربية من موقف عربي مُشرّف يوقف الحرب العدوانية على الشعب الفلسطيني المظلوم، وهو ما طلبناه أيضاً في المؤتمر الذي شاركنا فيه، والذي انعقد في مدينة قم المقدسة بمناسبة مرور مئة عام على مأسسة حوزة قم المشرفة، والذي شارك فيه نحو ألف عالم مسلم من مختلف البلاد الإسلامية، وعرضنا فيه أوضاع لبنان والمنطقة وتمنينا التعاون والتنسيق من أجل مساعدة لبنان الجريح في هذه المرحلة الحرجة، كما قدَّمنا عدة اقتراحات لتطوير عمل الحوزات العلمية بما يشد أواصر المسلمين بين بعضهم البعض ويُعزّز التفاعل مع المكونات الأخرى، وقد اغتنمنا هذه الفرصة لإجراء لقاءات مع عدد من المراجع والعلماء، واقترحنا الدعوة لمؤتمر خاص لدراسة الحلول المناسبة ومعالجة مسألتي المذهبية والقومية اللتين يستخدمهما الاعداء لمواجهة الأمة".
وختم الخطيب :"وأخيراً ونحن على أبواب الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظات
بيروت والبقاع والجنوب، ندعو أهلنا في هذه المناطق الى ممارسة حقهم الانتخابي بحرية وانضباط، وتجنب أي توترات او تشنجات، وانتخاب من يرونه مناسباً لخدمتهم في مدنهم وقراهم، لا سيما وان الامر يتعلق بالانماء، وهي بحاجة الى الكثير من الجهد والعمل في ضوء الخراب والدمار الذي خلفته الحرب العدوانية الصهيونية". (الوكالة الوطنية)