هيئة إدارة السير، التي تُدار حالياً بالتكليف من قبل محافظ
بيروت، تنتظر تعيين رئيس جديد يعيد إليها شيئاً من المهنية والفعالية.
وكالعادة، ظهرت الضغوط السياسية والطائفية، ومحاولات فرض أسماء من قبل نواب وجهات متنفّذة. لكن حتى الآن، أصرّ الرئيس
جوزاف عون ووزير الداخلية العميد
أحمد الحجار ومدير عام
قوى الأمن الداخلي اللواء رائد
عبدالله على عدم الخضوع لأي تسوية، واضعين الكفاءة والسيرة النظيفة كشرط أساس لأي تعيين.
في هذا السياق، تمّ تكليف العميد نزيه قبرصلي (دورة 1995) برئاسة مصلحة تسجيل السيارات. وهو ضابط مشهود له بالنزاهة والشفافية، بحسب شهادة
وزير الداخلية نفسه، وله سجل نظيف وخبرة متراكمة في الإدارة. وإذا تقرّر تعيين رئيس جديد لإدارة هيئة السير من الطائفة
الأرثوذكسية، فهناك عدد من الضباط الأعلى رتبة من العميد قبرصلي، يمكن النظر في أسمائهم وسيرهم الذاتية، أبرزهم:
- العميد الياس يونس (دورة الحربية 1994 – الترتيب 16)
لكنّ المعيار الذي يجب أن يُعتمد لا يقتصر فقط على التراتبية، بل يجب أن يشمل دراسة فعلية لأداء هؤلاء الضباط، وتقييمًا دقيقًا لإنجازاتهم السابقة، ومدى قدرتهم على قيادة مؤسسة متعثرة مثل النافعة، بنزاهة وكفاءة، وبعيدًا عن الاعتبارات السياسية.
وهيئة إدارة السير لم تعُد مرفقا إداريا عاديا، بل أصبحت نموذجاً للدولة إما أن تُصلَح، أو تُكرَّس كدولة مافيات ومساومات. المطلوب ليس تعييناً صورياً، بل مسؤولًا يعرف ماذا تعني الإدارة، ويملك الجرأة على المواجهة، والقدرة على تحويل هذا المركز إلى نقطة ضوء في دولة معتمة. ولا يجوز أن يكون الإصلاح مجرّد عنوان، بل رؤية تُنفّذ، تبدأ من مؤسسات مثل النافعة التي اعتاد المواطن أن يذلّ فيها، وأن يشتري حقه بالرشوة.
اليوم، نقف أمام فرصة نادرة: أن نعيد تكوين الإدارة على أسس نزيهة، بعيداً عن الطائفية والتبعية، وأن نثبت فعلاً أن عهد
جوزاف عون ليس استمراراً لما قبله، بل بداية جديدة تُبنى على الكفاءة لا الولاء، وعلى الشفافية لا المحاصصة. فهل نُحسن
الاختيار هذه المرّة، أم نُعيد إنتاج الخلل ذاته بحجج مختلفة؟