كتبت بولا مراد في" الديار": قبل أقل من شهر على موعد الانتخابات البلدية، التي طال انتظارها لبنانيا بعد تأجيلها ٣ مرات على التوالي، تبلورت الى حد كبير التحالفات الانتخابية في المدن والبلدات الكبرى، تحالفات قد تعطي انطباعا عاما لما سيكون عليه المشهد في الانتخابات النيابية، وان كانت عوامل عدة تلعب دورا في هذا الاستحقاق، ما يجعل الحسم بانسحاب الوضعية الراهنة على الانتخابات النيابية في غير مكانه. وليس خافيا ان الزعامات العائلية والمناطقية تلعب دورا اساسيا في الصراع البلدي، بخلاف الصراع النيابي الذي يتخذ بُعدا سياسيا محضاً. لكن ما يمكن التوقف عنده راهنا هو ٣ خلاصات:
- اولا: ان "
الثنائي الشيعي" ورغم كل ما يتعرض له، لا يزال ممسكا بالبيئة
الشيعية، لا بل تراها تلتف حوله اكثر من اي وقت مضى. وبالتالي اي تعويل على خرق هذه
البيئة سواء بالانتخابات البلدية او النيابية، تعويل بغير مكانه على الاطلاق.
-
ثانيا: يبدو واضحا ان حزب "القوات"
يحاول استثمار الواقع السياسي الراهن، الذي يصب لصالحه في هذا الاستحقاق والذي سيليه. لكن لا احد يمكن ان يحسم بأن النشوة "القواتية" الراهنة، ستبقى قائمة حتى موعد الانتخابات النيابية..
- ثالثا: رغم ما حكي عن عودة لتيار "
المستقبل" الى الحياة السياسية من بوابة الانتخابات البلدية، الا ان الوقائع لا تزال تؤكد وجود تخبط كبير في
الشارع السني ولدى
التيار الازرق، وهو ينعكس جليا في بلدية بيروت، حيث عادة ما كان "المستقبل" هو المايسترو في صياغة اللوائح، فاذا بالنائب فؤاد مخزومي هو من يتولى هذه المهمة راهنا، كما اعلن
جعجع. ويعتبر الخبير في مجال
التنمية المحلية والحوكمة سمعان بشواتي، انه ولتبيان اذا كانت التحالفات في الانتخابات البلدية قد تنسحب على تلك النيابية يجب اولا التوقف عند قانون الانتخاب، فهو في البلديات لا يخضع للنسبية ويعتمد اللوائح المفتوحة، بالمقابل قانون الانتخاب النيابي نسبي، ما يجعل التعاطي مع الاستحقاقين مختلف، لافتا لـ"الديار" الى ان "الانتخابات البلدية اليوم لا تقوم على أساس مشاريع بلدية فعلية، ولا على رؤية واضحة لتعزيز الحوكمة المحلية، أو تطبيق قانون اللامركزية
الإدارية. اضف ان
المجالس البلدية الحالية مضى عليها تسع سنوات، وثلثها تقريبًا مستقيل، مما
يعكس غياب الديناميكية الديموقراطية المطلوبة". ويرى بشواتي ان "الاحزاب تتعامل مع هذه الانتخابات كأنها "تجربة أولية" أو "بروفا" لاختبار حجم الكتل الناخبة التابعة لها، تمهيدًا لتحديد نوع التحالفات التي يمكن أن تُبنى للانتخابات النيابية المقبلة"..ويرى بشواتي انه "بالنسبة لقوى "
التغيير"، فهي لا تطرح مشروعًا مستقلًا، بل في بعض الأحيان تُعتبر داعمة مباشرة للعهد، وإذا نظرنا للأمر من هذه الزاوية، نجد أن هذه القوى قد تصبح لاحقًا جزءًا من كتلة
العهد النيابية. والمشكلة هنا أن الناس الذين صوتوا سابقًا للتغيير، قد يحبطون هذه المرة، فإما يعودون للتصويت للأحزاب التقليدية أو يمتنعون عن التصويت كليًا، وهذا سيفقد "حركة التغيير" زخمها، ويؤثر على نتائج الاستحقاقات المقبلة".